عمود السبت القادم سيكون في العام الجديد 2016، بالتالي عمودي اليوم هو الأخير لهذا العام 2015، وفيه سنترك الهموم ومناقشتها وتحليلها جانباً، سنترك «الصداع» اليومي جانباً، وسنتحدث بتفاؤل، باعتبار أن صدق من قال «تفاءلوا بالخير تجدوه».
بإذن الله هذه الأرض الطيبة ستجد الخير، هي وجدته أصلاً في شعبها الأصيل الطيب، وفي قيادتها الحافظة لها لقرون طوال، بملكنا العزيز وفقه الله وسدد خطاه، وسمو رئيس الوزراء رمز القوة والثبات، وسمو ولي العهد الشاب المتقد عزماً وحماساً، حفظهم الله جميعاً.
بسواعد مخلصي البحرين حفظ الله هذه الأرض، وبهم بإذنه ستظل محمية أبداً أمام أطماع الحاقدين والحاسدين، وشرور الأعداء. البحرين وجدت لتبقى وستظل باقية طالما في عروق أهلها دماء مخلصة نابضة.
نودع عامنا هذا بذكريات فيها نوع من الألم لكنها ممزوجة بالفخر، البحرين قدمت أبناء لها شهداء للواجب والعروبة والخليج، رجالاً أبطالاً ضحوا بأرواحهم لأجل أوطانهم، نحسبهم جميعاً شهداء عند رب العباد، ونظن في البقية خيراً، فهم رجال عاهدوا الله وأخلصوا عهدهم.
ملفات عديدة أرقتنا كمواطنين، ملفات نيابية، وأخرى حكومية، ميزانية، دين عام، رفع دعم، وغيرها من أمور سببها الأول نزول سعر النفط، يضاف إليه عدم نجاعة إدارة بعض الملفات، ما حتم علينا معايشة اتخاذ إجراءات لازمة لرأب الصدع أو لتقليل الضرر.
رغم ذلك، فإننا سنظل متفائلين، أولاً لأن البحرين ها هي ثابتة في مكانها، لم ينجح الكارهون في اختطافها، ولم ينجح المستهدفون في تشويه صورتها، ولم ينجح المشككون في هز ثقة أبنائها المخلصين.
سنتفاءل بأن غداً سيكون أفضل، بأن حس المسؤولية زاد، بالأخص لدى المسؤولين، وأدركوا أن عليهم اليوم تصحيح كثير من المسارات بهدف تعديل الأوضاع، فالآن ليس وقتاً للتلكؤ وللنظر للخلف، اليوم مستقبل بلد وشعب على المحك إن تحدثنا عن الوضع الاقتصادي. بالتالي نكرر القول إننا في وقت جاد يحتاج أناساً جادين.
سنتفاءل بأن الدولة ستحلل كل الممارسات التي تمت، ستضع يدها على مواقع الخطأ وستعمل على الصواب محلها، وأنها ستستند على عمليات التصحيح والمعالجة على الأدوات الصحيحة القادرة على التغيير وصناعة الفارق الإيجابي، متمثلاً ذلك عبر أبناء البلد المخلصين، أصحاب الكفاءات والوطنية والإخلاص.
سنتفاءل بأننا رغم ما يؤرقنا إلا أننا ندفع بقوة باتجاه الإصلاح، ندعم مشروع ملكنا الإصلاحي، نمارس صلاحياتنا عبر الحقوق الممنوحة، من حرية تعبير ونقد بناء ورصد للقصور، وفي مقابل ذلك التزامنا بواجباتنا تجاه الوطن، عبر الولاء والإخلاص وصونه وحفظه، فالبلد إن ذهب فلا قيمة للإنسان بعده، وكم من شعوب ضاعت في متاهات، أو لعبت في مصائرها أمم أخرى، فقط لأنهم عجزوا عن صون بلادهم والحفاظ عليها.
وعليه فإننا متفائلون بأبناء البحرين الذين لا يرخصون ذرة تراب منها، بالرجال المخلصين الذين وإن «جارت» عليهم بلادهم «ونبرأ بالبحرين أن تجور على أبنائها المخلصين»، فإنها ستظل عزيزة دونها الروح والدم.
ختام عامنا مظاهر فرح، ولماذا لا نفرح أصلاً؟! رغم الألم ورغم القلق، لكن الخطأ ألا نواجه المصاعب بتفاؤل يدعو للفرح، يتطلب الاستفادة من هذه الثواني التي تمر في حياتنا باستثمارها في صناعة الذكريات الجميلة، حتى من وصل لحالة يأس وإحباط، نقول له «ابتسم» ففي النهاية هي دنيا زائلة، وعند ربنا الخلود، وعليه فالابتسامة هي ما تقهر اليأس، رؤية الحياة بإيجابية هي ما تكسر سواد السلبيات.
انتهى عامنا وابتسامة تعلو وجه ملكنا حمد بن عيسى آل خليفة، وهو يستمع لهتافات مئات الطلبة له بطولة العمر والسداد في العمل وأن يحفظه الله. انتهت بابتسامة رجل مواقف معه نقول دائماً بأن البحرين بخير. نعم مع حمد بن عيسى وبتوفيق من المولى عز وجل ستكون البحرين بخير، فهو ليس وحده، المخلصون معه، أنتم كلكم معه، ندعو له بالخير وأن يوفقه الله للصلاح وأن يهيئ له البطانة الصالحة، ويسهل عليه تحقيق مراده بخدمة البحرين وأهلها.
ختمنا عامنا هذا بأفراحه وأتراحه، نأمل بأننا تعلمنا من الدروس فيه، وأن نجعلها أساساً للتغيير والإصلاح، فلا تطور ولا تبدل في الأمور إلا حينما نتعلم من أخطائنا، إلا حينما ننضج في الممارسات، وهذا النضوج لا يأتي هكذا على طبق من ذهب، بل هو نتاج خبرات وممارسات وفشل ونجاحات.
عام 2016، نأمله عاماً طيباً على البحرين، تتغلب فيه على الأوضاع الصعبة التي تضرب العالم في اقتصاده وسياسته، وتحقق فيه نوعاً من الرضا للناس بتلبية تطلعاتهم وحمايتهم من أية تداعيات أو أضرار. ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل، وصدق ربنا في محكم التنزيل «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».
كل عام وأنت بخير يا البحرين.