المعلومات التي وفرها الباحثون بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية خلال الندوة التي نظمها المركز الإثنين الماضي تحت عنوان «الأزمة السورية.. محركات الصراع ودور القوى الإقليمية والدولية»، مرعبة وتثير الكثير من القلق وكثير من الخوف على دول مجلس التعاون والبحرين على وجه الخصوص، كما تثير سؤالاً عما إذا كان ما ظل يجري على مدى السنوات الخمس الأخيرة هنا كان مخططاً له أم أنه عبث يمكن أن يوصل إلى الحال نفسها التي وصلت إليها سوريا التي تؤكد كل المعلومات التي يتم تداولها عنها أن نهاية ما تعاني منه لن تكون قريبة خصوصاً بعدما صار العالم كله أطرافاً فيها، فـ«الصراع في سوريا أصبح دولياً مع دخول القوات الروسية إلى ميادين المعارك ومع تصميم قوات التحالف الدولي على المشاركة في هذا الصراع تحت مسمى محاربة الإرهاب»، كما جاء في تشخيص المركز للحالة السورية.
المآسي التي تعيشها سوريا يومياً منذ أكثر من أربع سنوات لا يتمنى أحد أن تتكرر في أي دولة من دول العالم أياً كان الموقف منها، فما يجري هناك هدم للحضارة وللإنسان وللحق ولكل إيجابي في هذا الوجود، والواضح أن كل الأبواب أمام كل الحلول موصدة وستظل كذلك لفترة من الواضح أنها ستطول.
اليوم وبعد كل هذا الذي جرى ولايزال يجري في سوريا لا يتردد أحد عن القول إن سوريا -وليس النظام السوري فقط- انتهت وإن الأكيد الوحيد فيها هو أنها ستقسم حتى مع اتفاق كل فصائل المعارضة السورية على رفض التقسيم وتحويل سوريا إلى عدة دول. واليوم وبعد كل هذا الذي جرى ولايزال يجري هناك صار كل عاقل في دول مجلس التعاون يخشى أن تعيش هذه الدول التجربة نفسها، ويخشى أهل البحرين أن يصيبهم ما أصاب أهل سوريا، فما يفعله ذلك البعض ويصر عليه يمكن أن يعين على تكرار المشهد هنا، لهذا صار لا بد من وضع حد له والتعامل معه على أنه يريد تخريب البلاد وليس إصلاحها كما يتشدق.
استمرار ذلك البعض في محاولاته وإصراره على تنفيذ ما هو مخدوع به يجعل كل أهل البحرين يضعون أيديهم على قلوبهم ويخافون على هذا الوطن ويضغطون على الحكومة كي تضع حداً لهذا الاستهتار الذي اتخذ له عناوين براقة واعتبره ذلك البعض «ثورة».
ما يجري في سوريا وما يحاول ذلك البعض فعله في البحرين يستدعي من كل مواطن ومحب لهذا الوطن إطلاق صرخة مدوية تعبيراً عن رفض ذلك وعن الخوف من تكرار ما حصل هناك هنا.
لعل أهم ما خلصت إليه الندوة المتميزة التي نظمها مركز الدراسات هو تأكيد المشاركين فيها على أن «الأزمة السورية أفرزت وضعاً عالمياً جديداً تجاه العرب والمسلمين بصورة عامة بسبب إرهاب جماعات دون الدول من جهة، وأعداد اللاجئين السوريين المتوجهين لأوروبا من جهة أخرى، وأن جماعات ما دون الدول لديها دعم غير معلن من قبل بعض الدول الإقليمية والدول العظمى»، والتأكيد على أن «دول مجلس التعاون بحاجة ملحة لخلق قوة إقليمية فيما بينها إما من خلال مشروع الاتحاد الخليجي أو من خلال تبني مشروع استراتيجي جديد».
هذا يعني باختصار أن درجة القلق من تأثر دول التعاون والبحرين على وجه الخصوص مما يجري في سوريا والعراق وغيرهما وفي عموم المنطقة في ازدياد وأنه لهذا لابد من القيام بعمل ما يمنع انتقال ذلك إلى دولنا ويوفر شيئاً من الطمأنينة لهذه الشعوب المسالمة أبداً، وأول ذلك استشعار الخطر والاتفاق على مواجهته بشكل جماعي، وهذا يشمل وضع حد لأحلام ذلك البعض الذي اختيرت له البحرين ليبدأ بها المشروع المماثل.