سؤال استفزازي لكن الإجابة عنه مهمة خصوصاً من قبل ذوي العلاقة المباشرة بالعمامة، فهناك أمور ربما لا تدخل ضمن المساحة التي يحاسب عليها القانون أو لا تتحكم فيها الحكومات في ظروف معينة. السؤال بصورة أدق، من يحاسب مرتدي العمامة إن تجاوز حده وصار سبباً للفتنة والتفرقة بين المسلمين ووصل حد الطعن في الدين؟ هل توجد جهة معينة في البلاد الإسلامية تستطيع محاسبة ومحاكمة أصحاب العمائم؟ هل مثل هذا الأمر منوط بالأزهر الشريف؟ أم النجف الأشرف؟ أم قم المقدسة؟ هل من جهة دينية تحاسب وتحاكم أصحاب العمائم من أهل السنة لو تجاوزوا حدودهم وأساؤوا بأفعالهم أو تصريحاتهم للإسلام والمسلمين؟ وهل توجد جهة دينية تحاسب وتحاكم أصحاب العمائم الشيعة لو فعلوا ذلك؟ هل يوجد شيء من هذا القبيل أم أن صاحب العمامة يمتلك بشكل تلقائي حصانة تمنع حتى الجهات المعنية بالدين وبالمذهب من محاسبته ومحاكمته؟ وإذا كان هذا صحيحاً فكيف العمل لو أن مرتدي العمامة البيضاء أو السوداء يعاني من فقر في الذمة ويخلط الدين بالسياسة أو بالمصلحة الشخصية؟
هذه أسئلة من المهم في هذه المرحلة التي كثر فيها مرتدو العمائم وكثر فيها نشاطهم وتدخلهم في أمور الحياة والدين أن يجاب عنها كي لا يساء إلى العمامة وعلماء الدين الحقيقيين والدين الإسلامي.
قبل حين تداول الجمهور عبر «الواتساب» مقطع فيديو قصير لرجل يبدو من لهجته أنه عراقي يرتدي عمامة سوداء وهو يلقي محاضرة على جمهور لا يظهر في الصورة يروج من خلالها لفكره المنحل والمتمثل في توصله إلى أن القرآن الكريم غير منزل وأنه من تأليف النبي محمد عليه الصلاة والسلام، بل وصلت به الجرأة أن يقارن هازئاً بين نصوص القرآن ونصوص أخرى من تأليف البشر اعتبرها أفضل من حيث الصياغة. مثل هذا الشخص وفي ظل الأوضاع التي يعيشها العراق ربما يصعب على الحكومة هناك أن تحاسبه وتحاكمه، فمن يمكنه أن يقوم بذلك؟ النجف؟ السيستاني؟ قم؟ خامنئي؟ الأزهر؟ أليس من حق المسلمين أن يضعوا حداً لمثل هذه التصرفات التي تسيء إلى الإسلام والمسلمين وتسيء إلى العمامة؟
الفيديو شاهده كثيرون وانزعج منه الجميع، والجميع تساءل عن الجهة التي ينبغي أن تحاسب وتحاكم هذا الشخص. ومثل هذا الشخص آخرون تجرؤوا ويتجرؤون على الدين وعلى المذاهب الإسلامية وعلى الشخصيات الإسلامية التي يتخذون منها موقفاً لسبب أو لآخر ولم نسمع عن جهة تحاسبهم وتحاكمهم أو حتى تمنعهم وتوقفهم عند حدودهم، بل لم نسمع تصريحاً واضحاً من أي من المراجع العظام يتخذ منهم موقفاً وينصح بعدم التواصل معهم أو الاستماع إليهم، من أولئك على سبيل المثال المدعو ياسر الحبيب الذي يقيم في لندن و«يخربط على كيفه»، عبر فضائية خصصها للفتنة بين المسلمين يتناول فيها نتائج دراسات هزيلة يقول إنه أجراها عن صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام وأحداث الفترة الأولى من الإسلام. ومثله آخرون ينعقون من خلال فضائيات بالعربية والفارسية ولغات أخرى، كلهم يرتدون العمائم على اختلاف ألوانها.
من هي الجهة التي عليها أن تحاسب وتحاكم هؤلاء؟ أم أن الأمر عادي ويحق لكل من ارتدى عمامة بيضاء أو سوداء أو خضراء أن يقول ما يشاء بما في ذلك الإساءة إلى المذاهب الأخرى ورموزها والإساءة إلى الإسلام وإلى شخص الرسول الكريم والتشكيك حتى في القرآن الكريم؟
لماذا لم نسمع عن جهة حاسبت ياسر الحبيب؟ ولماذا لم نسمع عن جهة حاسبت هذا المتخلف الذي شكك في القرآن الكريم وسخر من آياته وأساء إلى شخص النبي؟