أشعر هذه الأيام وكأن البحرين تقود «بلدوزر» للصرامة والحزم بدأته منذ عدة أشهر وزادت وتيرته في الأيام الأخيرة، اللهم ثبتها على الحق.
كلما خالف أحد القانون تم استدعاؤه ومساءلته، كائناً من كان، وزير العدل صرح بأن على جامعي الصدقات والخمس طلب ترخيص ومن يخالف هذا القانون يعرض نفسه للعقاب، تم تفعيل مادة قانونية تضع أولياء الأمور تحت طائلة القانون إن هم أهملوا في مراقبة أبنائهم وتركوهم يقومون بأعمال التخريب وقبض عليهم للمرة الثانية، وقد قام أحد المراكز الأمنية باستدعاء أولياء الأمور وإطلاعهم على القانون، صدرت أحكام استئنافية تؤيد العقوبات الصارمة التي أصدرها القضاء في المحاكم الأولية ضد متهمين بقتل رجال الأمن.
وعلى صعيد خارجي مشاركة البحرين في عاصفة الحزم رئيسية وليست شرفية فقط، قرار قطع العلاقات مع إيران لا تلعثم ولا تردد فيه، عدم الاكتراث بتصريحات القلق البانكومية أو بتقارير الخارجية الأمريكية.
هذه متغيرات ملحوظة، هناك إذاً تغيير ملحوظ لنقر بذلك، هناك تغيير نحو الأفضل، يختلف عن أربعة أعوام من التسامح الذي كان في غير محله، لهذا نحن نؤيد كل ما اتخذته البحرين في هذا الاتجاه ونشد على يد مليكنا حمد بن عيسى حفظه الله، وثبته على الحق.
ولو استمرت البحرين بهذا النهج الأمني الصارم والحاسم وفعلت ونفذت وطبقت القانون والأحكام الصادرة من القضاء دون تراجع ودون «لكلكة»، ولو استمرت البحرين على هذا النهج وهذه السياسة تجاه الاتحاد والتوحد مع المملكة العربية السعودية أمنياً ودبلوماسياً في جميع ملفاتها، ولو استمرت هذه السياسة السيادية والدبلوماسية تجاه إيران بلا تراخ ولا تهاون ولا تردد، فإننا أمام استقرار أمني يسهم بإذن الله بشكل كبير في النهوض الاقتصادي.
لقد عانينا أربع سنوات من الوقوف في منتصف الطريق والتردد وتقديم رجل وتأخير الأخرى في هذه الملفات راعت البحرين الجميع عدا مصلحتها، و«جربنا» محاولة إرضاء كل الأطراف فلم نفلح ولن نفلح، فلكل مصلحته التي تتقاطع أحياناً وتتباعد أحياناً مع المصلحة البحرينية، واليوم ظرفنا الأمني والاقتصادي يتطلب هذا الحزم ولا يتحمل الوضع الذي كنا عليه لأربع سنوات مضت.
هناك بلدوزر سعودي يعمل الآن على قيادة الملفات في المنطقة وتلكؤنا وترددنا في الركوب مع مركب السعودية لن يخدم أحداً وبالتأكيد لن يخدمنا، لهذا فإن البلدوزر البحريني يسير على الطريق السريع الذي تسير عليه المملكة العربية السعودية ويتناغم معها فهي عمقنا الاستراتيجي.
ما تمادت إيران وخدمها لاعقو حذاء خامنئي وصبيانه إلا لأننا تهاونا وترددنا واعتبرنا الخيانة «حرية تعبير» و«حقاً إنسانياً» مراعاة للخارجية الأمريكية أو للبرلمان الأوروبي أو مرضاة للسيد جو ستورك أو بان كي مون «أبو القلق» حتى وصلت الأمور إلى تمتع الإرهابيين ومنظريهم ومحرضيهم ومبرريهم بحصانة وحماية، ووصلت إلى تجرئهم على كل ما يمس أمننا وسيادتنا وسلامتنا الوطنية، والمساس أيضاً بهويتنا وبعمقنا الاستراتيجي، وقد ثبت فشل هذه السياسة المهادنة فشلاً ذريعاً، فلم يستتب الأمن بل وتأثرت خططنا الاقتصادية وتعثرنا في التنمية، ولم يرتدع من خاننا ولم ترض عنا أمريكا ولا إيران تأدبت.
لسنا طلاب دم، ولسنا دعاة ثأر، ولسنا ضد جماعة، ولا ضد طائفة، أيدينا ممدودة لكل من ركب المركب البحريني معنا، وأيدنا ما قامت به المملكة العربية السعودية لا لأننا نهوى المشانق ورمي الرصاص، ولسنا فرحين بقطع العلاقات مع إيران لأن هذا ديدننا وهذا نهجنا، ولكننا فرحون بقطع العلاقة مع دولة مارقة لا تستحق أن تحترم ما لم تحترم هي سيادتنا واستقلالنا، تلك قرارات صعبة اتخذتها البحرين مؤخراً، إنما قرارات حتمية وضرورية، فللأمن استحقاقات وللسلامة الوطنية استحقاقات وللنهوض بالاقتصاد استحقاقات يستدعي الأخذ بقرارات تكون أحياناً ضد ما تشتهي النفس وأحياناً ضد الفطرة الإنسانية، لكن من قال إن مسؤولية حفظ الأمن الجماعي واستقرار الدول أي مسؤولية الحكم هي رحلة استجمام واسترخاء؟
البحرين اليوم تمر مع دول المنطقة بفترة استحقاقات أمنية تتطلب أن نضع حجراً على عاطفتنا وقلبنا وندوس عليه حتى تمر البحرين والمنطقة من عنق الزجاجة، بعد أن تسببت هذه العاطفة بسلبنا الأمن والأمان، واليوم نرى بأعيننا نتائج الحزم والحسم، وانعكاسه على الرخاء والنماء والاستقرار والنهوض الاقتصادي إن استمر إن شاء الله.
اللهم احفظ البحرين واحفظ ملكاً حافظ على مملكته وشعبه وقادهم لبر الأمان.