ندوة «كرة القدم البحرينية.. إلى أين» التي نظمها مركز الجزيرة الثقافي مشكوراً في باكورة نشاطه للعام الحالي 2016 تحت رعاية كريمة من مستشار جلالة الملك للشؤون الرياضية صالح بن عيسى بن هندي لم تأت بجديد ولكنها أعادت التذكير بأسباب تراجع مستوى الكرة البحرينية وأعادت معها التذكير بالحلول والمقترحات التي سبق التطرق إليها في ندوات ولقاءات ومؤتمرات رياضية عقدت على مدار السنوات العشرين الماضية وليس في تكرار هذه المسببات ما يعيب ندوة مركز الجزيرة الثقافي أو يقلل من مكانة المتحدثين فيها والذين عايشوا كرة القدم لما يقارب النصف قرن لاعبين ومدربين وإداريين وإعلاميين .. المهم هو جوهر الندوة لا مظهرها!
نعم الندوة لم تأت بجديد في قضية الكرة المحلية لأنها لا تحتاج إلى جديد طالما أن الأسباب واضحة للعيان وتتمحور في الجانب الإداري بالدرجة الأولى سواء في الأندية أو اتحاد الكرة اللذين يعملان بمعزل عن بعضهما البعض في غياب الخطط والاستراتيجيات والتي يجسدها على أرض الواقع عدم الاستقرار في النظام العام للمسابقات والأجهزة الفنية المسؤولة مباشرة عن الجانب الميداني!
حتى لو عقدنا ندوات جديدة وبوجوه جديدة فإن المسببات والحلول لن تخرج في جوهرها عن الإطار الذي خرجت به ندوة مركز الجزيرة الثقافي والندوات التي سبقتها عبر السنوات الماضية!
المدرسة .. النادي .. والاتحاد هم الذين تقع عليهم مسؤولية التخطيط والتنفيذ ومن ثم يأتي دور الجهات الرياضية الرسمية العليا كالمجلس الأعلى للشباب والرياضة ووزارة شؤون الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية البحرينية المناط بهم دعم المثلث التنفيذي وفق الخطط المرتبطة بأهداف استراتيجية محددة الزمان، لا على اجتهادات شخصية تنتهي بحلول ترقيعية مؤقتة تستنزف كل الطاقات البشرية والموارد المالية من دون مخرجات إيجابية!
ولن أعفي هنا الإعلام الرياضي المحلي من المسؤولية باعتباره شريك أساسي ومؤثر جداً في التوجيه والإرشاد حيث لمسنا تراجعاً في الطرح الإعلامي الذي بدا يتجه للنهج الرسمي والإثارة العاطفية على حساب النقد البناء و التحليل الواقعي!
كثيرون يختزلون أسباب التراجع الكروي بنقص الموارد المالية رغم ما طرأ على الموازنات المخصصة للأندية والاتحادات الرياضية من زيادات مقارنة بما كان يخصص لهذا القطاع قبل عشرين سنة ماضية، ورغم تعدد الموارد الذاتية في بعض الأندية مما يؤكد بأن مثل هذا الاختزال لا يلامس الواقع، فعندما تغيب الإدارة المالية السليمة تصبح الزيادة كما النقصان والأمثلة على ذلك عديدة!
تعدد الأندية و تراجع الاهتمام بالفئات العمرية وعدم استقرار الأجهزة الفنية متبوعاً بعدم استقرار نظام المسابقات بالإضافة إلى غياب الخطط الاستراتيجية وتراجع مستوى الأداء الإداري والإعلامي هي المسببات الجوهرية لما آلت إليه الكرة البحرينية من تراجع محلياً وخارجياً، وحينما نتجاوز هذه المسببات سوف ينصلح حال الكرة وسوف نعرف إلى أين تتجه بوصلتها حتى في ظل الموارد المتوفرة في الوقت الراهن وعندئذ لن يتكرر ذلك السؤال!
شكراً للقائمين على إدارة مركز الجزيرة الثقافي على تنظيم هذه الندوة التي تعكس حسهم الوطني والشكر موصول إلى راعي الندوة الأخ العزيز صالح بن هندي صاحب المبادرات والمساعي الحميدة للرياضة والرياضيين البحرينيين ولكل من حضر وشارك في النقاش تعبيراً عن مشاعرهم الصادقة، وكم كنت أتمنى وجود المعنيين بأمر الرياضة البحرينية عامة وكرة القدم خاصة ولكن تبقى للغائبين أعذارهم!