من بديع الشريعة الإسلامية وتشريعاتها أنها لم تعط العصمة والحصانة لمعتنقيها مهما علا شأنهم نسباً أو علماً، فهم سواء كأسنان المشط أمام حقوقها وواجباتها وحدودها وعقوباتها ورخصها وعزائمها، ولا شفاعة في اقتراف السيئات وإتيان المنكرات لحسب «ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه»، ولو لم تكن الشريعة الإسلامية بهذا الوضوح وتلك الصرامة في تطبيق حدودها، ومناهجها ما وصلتنا ولقبرت واندلست في الجزيرة العربية.
تلك المقدمة أسوقها لأتباع إيران وأذنابها والتي أقامت الدنيا ولم تقعدها اعتراضاً على إقامة حد من حدود الله على رجل يخضع لقوانين وشريعة دولة ذات سيادة، على مواطنيها وأراضيها وتناست وهي دائماً ما يتشدق دعاتها ومراجعها في منابرهم بالاستشهاد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، فتلك بضعة رسول الله لم يجد لها أبوها حصانة وعصمة ورخصة، فمن يكون بعدها أعظم منزلة لتمنحه الشريعة العصمة والحصانة، فهم بفهمهم القاصر للنصوص ضلوا الطريق وما اهتدوا، وهذا الحديث الشريف لوحده ومن هذا المنظور يكفي أن يسدل الستار على اللغط الحاصل في إعدام رجل استنفد كل حقوقه بمحاكمة عادلة حاله حال أي مواطن سعودي أو بحريني أو عراقي أو إيراني أو مصري أو من أي جنسية كان يحث على الإرهاب أو يمارسه، وهذا حق سيادي من حق الدول لا شأن لأي دولة بالاعتراض عليه أو استخدامه كورقة ضغط في العلاقات الدولية وتأليب الرأي العام ضده.
ثم إن هنالك نقطة على جانب من الأهمية يجب أن يلتفت إليها، أنه في ديننا الإسلامي لا يوجد مصطلح فقهي وشرعي برجال الدين فليس في المجتمع الإسلامي رجال دين وآخرون بدون دين، فكل المجتمع المسلم مدين بالإسلام بل هنالك دعاة وطلاب علم ومفتون وفقهاء ومحدثون ثم عامة الناس.
وما أقدمت عليه المملكة لم يتعد إقامة حد من حدود الله بعيداً عن التجاذبات السياسية ولست هنا في مقام الدفاع عنها وعن قضاتها بقدر إبراز الحقائق للقارئ الكريم. فالمجموعة التي أقيم عليها الحد جلهم سعوديون، ومن خلال التقصي يتضح أنهم ممن ضلوا طريق الحق من السنة وتوهموا في الإرهاب منهجاً عدا قلة قليلة بينهم هم من الطائفة الشيعية الكريمة، فالتزمت كل العشائر والقبائل والدول السنية وعشائر الشيعة السعودية وأيدت المملكة في تطبيق شرع الله، وانبرت لنا إيران الوقحة منفردة وأبواقها في العراق ولبنان وحركت رعاعها في خطوة غير مدروسة العواقب بالاعتداء السافر على سفارة وقنصلية المملكة في طهران ومشهد بحرقهما والعبث بممتلكاتهما، مما ينم عن عقلية متخلفة لا تعي للدبلوماسية معنى وهي تتباهى أنها أصبحت دولة نووية وتوهم العالم أنها قادرة على الإمساك بزمام أمور المنطقة والعالم والسير بهما نحو الازدهار والسلام، فانكشف زيفها مع أول اختبار وهي تسعى اليوم بتغطية عورتها ولن تنفعها حتى لو ألصقت بنفسها كل أوراق التوت.
إيران استغلت ورقة إعدام رجلها وليس كما تدعي «رجل الدين»، نمر النمر لتعبر عن غيظها وفشلها في إدارة الملفات في العراق والشام واليمن وأيقنت تماماً أن خلاياها في المنطقة أصبحوا بين فكي كماشة سيطبق عليها قريباً ولا فرصة لإنقاذها ولقد تلقت أول ضربة أفقدتها توازنها منذ اليوم الأول لعصف «عاصفة الحزم»، وتلقت صفعة أشد وطأة بعد تشكيل التحالف الإسلامي العسكري.
معروف عن النفسية الصفوية أنها لا تنساق إلا بمنطق القوة وليس في أبجدياتها وثقافتها شيء من مصطلحات العرب عن الحلم والأناة، فهي تفسر الصبر والحلم ضعفاً وخواراً فتزيد من ضغطها وأذاها لمن يجاورها ويسايرها. اليوم نحن أمام مرحلة وصفحة جديد، وكما أسلفنا في مقال سابق «إيران إلى أفول وانزواء»، فتلك رسالة لملالي إيران وأذنابهم أن السيف قد أخرج من غمده ولن يعود إلا وقد تثلم من رقاب الخونة.. والله أكبر.