عكست فعالية تكريم القاص والروائي البحريني محمد عبدالملك الذي اشترك في تنظيمها أسرة الأدباء والكتاب في البحرين ومركز عبدالرحمن كانو الثقافي الدور الكبير الذي يمكن أن تنهض به المؤسسات الثقافية الأهلية في تنشيط الحركة الثقافية في البحرين وإبراز رموزها ودعمهم وتكريمهم. الاحتفالية عقدت على مدار يومين. تضمن اليوم الأول طرح أوراق نقدية حول أعمال عبدالملك، وتضمن اليوم الثاني عرض أفلام وشهادات حول شخصه. هذا التنوع جعل الاحتفالية متكاملة تجمع بين الثقافي والإنساني معاً مما ترك أثراً بالغاً في نفس المبدع محمد عبدالملك ونفوس الحاضرين.
القاص والروائي محمد عبدالملك يعد أحد رموز السرد المهمين في البحرين منذ فترة السبعينيات. وهو صاحب تجربة أدبية ناضجة من حيث التطور الفكري الذي مر به ومن حيث التحولات الفنية في الأدوات الكتابية التي استعان بها. وتجربة محمد عبدالملك الأدبية لا تقل عمقاً وإنجازاً عن كثير من التجارب العربية المتميزة التي حظيت بمؤسسات إعلامية وثقافية تمكنت من تحويل أصحابها إلى نجوم عربية ذاع صيتهم في كل أصقاع الوطن العربي، فيما ظلت تجربة محمد عبدالملك حبيسة المهتمين بالحركة الأدبية في البحرين والمشتغلين برصد الحركات العربية من النقاد والمثقفين العرب الناشطين والمبادرين. كما تتميز شخصيته بتركيبة متعددة فقد كان شخصية وقيادة في الحركة السياسية في البحرين في حركة القوميين العرب، وكان أحد أهم مدربي كرة القدم في البحرين أيضاً. فضلاً عن كونه أحد مؤسسي أسرة الأدباء والكتاب في البحرين. لذلك فإن الاحتفاء بشخص محمد عبدالملك وبمنجزاته يعد أحد أوجه الاحتفاء بالذاكرة البحرينية وبالحراك الاجتماعي البحريني وبالمبدع البحريني متعدد الأبعاد. وليس بخاف عن كثيرين أن العزلة التي دخل فيها المبدع محمد عبدالملك وكثير غيره من المبدعين كانت بسبب إحساسهم بتراجع الحركة الثقافية، وأن ليس ثمة من هو قارئ أو متابع للإنتاج الإبداعي.
إن تكريم المبدعين في البحرين يدخل في سياق الأعمال الوطنية. لأنه يخلد الذاكرة البحرينية التي تعد الحركة الثقافية أحد أهم منجزاتها التاريخية. ويوثق الإبداع البحريني ويحفظ أرشيفه، فالأمم المتقدمة يقاس تقدمها بمؤشرات الإنتاج الإبداعي في مختلف المجالات، والأمم التي تفرط في إبداعها ومبدعيها تفرط في بوصلة تقدمها ونهوضها. كما يعبر تكريم المبدع في البحرين عن تكريم الإنسان البحريني وتقدير عطائه والاعتراف بدوره في بناء هذا الوطن وتلك سمة الدول المتحضرة التي ترى في الإنسان أثمن ثرواتها وأعز ممتلكاتها.
شكراً للقائمين على فعالية تكريم الأديب محمد عبدالملك من أسرة أدباء وكتاب البحرين ومركز عبدالرحمن كانو على هذه البادرة التي تكررت للعام الثاني على التوالي، وشكراً لمبدعنا محمد عبدالملك على هذا العطاء الثري طوال الأعوام الماضية وننتظر منه كل جديد ومبدع.