«هرة أدخلت صاحبتها النار»، قصة حقيقية سمعناها مراراً منذ الطفولة عن امرأة حبست هرة ولم تطعمها ولم تطلقها لتأكل من أرض الله الواسعة، كانت هذه القصة درساً من دروس الرفق بالحيوان، ودرساً يبين كيف أن الإسلام يحث الإنسان بل يدعوه أن يرفق بالحيوانات ويحسن الاعتناء بها، لأنها في المقام الأول روح تحس وتشعر وتتألم من الجوع والعطش والمرض، وفي قصة أخرى دخل رجل الجنة لأنه نزل البئر ليملأ خفه بماء ليشرب منه كلب يلهث من العطش، وأشخاص منذ مدة حكم عليهم بالسجن لأنهم حبسوا ثعلباً، وآخرون حبسوا قطاً في قفص، وأضرموا فيهما النار، وعاقبوا هذه الحيوانات بوحشية لأنها كانت تأكل طيورهم، أيضاً سمعنا منذ فترة بسيطة عن جمعية الرفق بالحيوان تطالب بعدم إعدام الكلاب الضالة، بل تطالب بقوانين خاصة لحمايتهم وتدافع عنهم، كل ذلك صور حقيقية عن حيوانات وبهائم وجدت من يدافع عنها ويرفق بها، ولكن ماذا عن مضايا؟!
زمن الجاهلية يعود مرة أخرى في عصر التقنيات والتكنولوجيا وعصر السرعة، يعود ذاك الزمن عندما حاصر كفار قريش الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم وأهل بيته من بني عبد مناف، مستخدمين وسيلة مضادة لحربهم ضد الإسلام من خلال حصار اقتصادي، ولكن يبدو أن صور الظلم تتكرر ولكن على أيدي من يدعون الإسلام والسلام، فكيف لدعاة الإسلام أياً كانت مذاهبهم يحاصرون المستضعفين من الأطفال والشيوخ والنساء مستخدمين سياسة التجويع، كيف ينامون وهم يسمعون صراخ الألم والجوع، كيف لـ«حزب الله» وأتباعه -وهم يحسبون إن صح القول بأنهم مسلمون- أن يأكلوا ويناموا شبعى ومضايا تموت من الجوع، بل وصلت بهم اللامبالاة حد السخرية من حصار مضايا في مواقع التواصل الاجتماعي حين نشر بعض المغردين صوراً لهم أمام الموائد العامرة بالأكل، أليس ذلك بالجاهلية الأولى؟ أليس حلف الدول العظمى مع إيران وأنصارهم معادون للإنسانية؟
المنظمات الدولية أقامت الدنيا ولم تقعدها كما نقول في أحداث البحرين 2011، في قضية باطلة وادعاءات كاذبة لجر البحرين في صراعات أهلية وطائفية، ولولاء لطف الله ومن ثم حكمة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى والتفاف شعبه حول القيادة الرشيدة لكانت البحرين عراقاً آخر وسوريا أخرى، وما يحدث اليوم في سوريا وحصار مضايا يشعرك بألم وقهر وغصة، يشعرك بأنك تريد أن تصرخ بأعلى صوتك ضد الظلم الواقع عليهم، خيبات العالم وظلم الدول الكبرى على المستضعفين كما كفار قريش الذين حاصروا آل محمد صلى الله عليه وسلم، فما الفرق بين جاهلية قريش وجاهلية الدول العظمى، بين قريش التي كانت ذات سيادة ومال وقوة ونفوذ وبين الدول العظمى التي تنادي بحقوق الإنسان، وهي للأسف وجه آخر لجاهلية قريش الأولى ولكن بتقنية أسلحة الدمار الشامل.
دعوني أختم مقالي بكلمات اقتبستها من موقع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ونقارن بين ما تقوله وما يتم من انتهاكات بأبسط الحقوق في بلادنا العربية من قبل إرهاب إيران وأحزابها ومواليها «تنطوي حقوق الإنسان على حقوق والتزامات على حد سواء، وتتحمل الدول بالتزامات وواجبات بموجب القانون الدولي باحترام حقوق الإنسان وحمايتها والوفاء بها، ويعني الالتزام بالاحترام أنه يتوجب على الدول أن تمتنع عن التدخل في التمتع بحقوق الإنسان أو تقليص هذا التمتع، والالتزام بحماية حقوق الإنسان يتطلب من الدول أن تحمي الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوق الإنسان، والالتزام بالوفاء بحقوق الإنسان يعني أنه يتوجب على الدول أن تتخذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، وفيما يحق لنا الحصول على حقوقنا الإنسانية، فإنه ينبغي لنا أيضاً، على المستوى الفردي، أن نحترم حقوق الإنسان الخاصة بالآخرين»، انتهى الاقتباس، ولكن ماذا عن مضايا؟!