المعلومة الأكيدة - والتي يحاول ذلك البعض نشر عكسها عبر الفضائيات «السوسة» - هي أن الحكومة، أي حكومة، تتعامل مع كل خطر أو كل ما يحتمل أن يأتي منه خطر على أنه تهديد لها ولاستقرار البلاد، لا فرق في هذا بين ذلك البعض الذي يؤثر الاستقرار على خططه وما يطمح إليه ولايزال مستمراً في محاولاته التخريبية وبين عناصر تنتمي إلى تنظيم الدولة «داعش» أو غير «داعش»، تمارس أعمال العنف أو تحرض عليها، فكل باب يحتمل أن يأتي منه أذى تتعامل معه الحكومة بالطريقة التي تعينها على أن تكفي شره عن المواطنين.
ما تقوم به الحكومة هنا، أو في أي بلد، أمر طبيعي، فلا توجد حكومة تؤمن أن هذا الخطر أهون لأنه قد يأتي من مجموعة تنتمي إلى نفس الدين أو المذهب الذي تنتمي إليه الحكومة أو أن أفراداً منها ينتمون إلى هذه العائلة أو تلك. الحكومات تتعامل مع كل خطر محتمل بالتساوي وإلا تكون كمن «يطز عينه بيده».
ما يحاول ذلك البعض ترويجه هو أن الحكومة تستغل «داعش» لتخويف المواطنين والمقيمين وتجعل منه فزاعة كي يبتعدوا عن التفكير في ممارسة أي نشاط يؤذيها، ناسياً أو متناسياً أن الدخول في مثل هذه اللعبة مسألة خطيرة للغاية يمكن أن تتضرر منها الحكومة في أي لحظة، ذلك أن أي تنظيم متطرف – وخصوصاً «داعش» الذي سبق وأن أعلن عن موقفه من الحكم بصراحة – لا يمكن أن يأتي منه أي خير للحكومة، ومحاولة الحكومة استغلاله بغية تخويف مجموعات أخرى يبعدها عن الحكمة التي تتصف بها، فليس هذا بعمل رشيد.
أي تنظيم متطرف يتخذ من العنف سبيلاً لا يختلف أبداً عن أي وحش كاسر، فهذا وذاك لا يهمهما كل من حولهما ومن أرخى لهما أو أحسن في فترة أو لحظة معينة، فالتنظيم المتطرف لا يهمه إلا تحقيق مراده بأي وسيلة كانت وخصوصاً العنف، وإلا فكيف يحسب على التنظيمات المتطرفة؟
القول إن الحكومة تغض الطرف عن ممارسات بعض المجموعات لأسباب معينة أو لتتخذ منها فزاعة وأداة تخويف لذلك البعض الذي يعتقد أنه الوحيد في الساحة قول مغلوط وغير واقعي ولا منطقي، والقول إن الحكومة تمالئ هذه المجموعة أو تلك لضرب ذلك البعض الذي يعتبر نفسه الخطر الوحيد قول لا قيمة له ولا مصداقية، فالحكومة – وخصوصاً في هذا الزمن وفي مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة – لا يمكن أن تثق في هذه المجموعة أو تلك ولا يمكن إلا أن تنظر إلى كل الأبواب التي يحتمل أن يأتي منها خطر يتهدد وجودها على أنها خطر حقيقي، وبالتالي فلا يمكنها أن تعمل إلا على سد تلك الأبواب أياً كان أبطالها أو مستوى الخطر الآتي منها.
كل ما قد يأتي منه خطر على الوطن تتعامل معه الحكومة بجد ولا تغامر في توظيفه لضرب هذه المجموعة أو تلك، يؤكد هذا أن الحكومة ليست عاجزة عن توظيف أدواتها الكثيرة واستخدامها حيث ينبغي أن تستخدم، أي أنه طالما أن لدى الحكومة ما يعينها على التعامل مع أي مجموعة يأتي منها الخطر فأي داع لتوظيف «داعش» أو غير «داعش» لتحقيق الغاية نفسها؟
الحكومة تنظر إلى «داعش» وإلى ذلك البعض وغيرهما على أنهم مصدر خطر على الوطن والمواطن، وبالتالي فإن الطبيعي هو أن تتعامل معهم جميعاً بالطريقة نفسها التي يتيح لها حفظ الأمن والنظام ويبعد عنها وعن الوطن كل شر، فليس هذا باب يمكن من خلاله ممارسة التمييز، وهو ملخص ما يرمي إلى نشره ذلك البعض.