لن نتحدث عن رفع دعم اللحم وعن ارتفاع أسعار الوقود، فلعلنا تحدثنا كثيراً وكثيراً عنه قبل اليوم، ولعل هنالك من يقوم في هذه المرحلة بالحديث عن خطوات متفائلة وربما متشائمة في هذا الإطار، وبكل تأكيد فإن الكرة اليوم في ملعب مجلس النواب، وأن كل ما نتمناه هو أن يصلوا إلى قرارات فاعلة في هذا الخصوص.
ما يهمنا هنا وفي هذه المرحلة المهمة هو، أن تنتعش حياة المواطنين مجدداً ولو بفضل فائدة الفائض الاقتصادي الذي ستحققه ميزانية الدولة فيما يتعلق برفع الدعم أو زيادة أسعار الوقود وغيرها من الأمور المتعلقة بخطط التقشف وشد الحزام التي أكدت عليها الدولة مجبرة في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية القاهرة، أو على أسوأ التقديرات، هو أن تظل رواتب المواطنين ومستوى معيشتهم كما هي عليه الآن، فإذا لم يكن هنالك أي فسحة لزيادة الرواتب، نتمنى ألا تمس بسوء.
يجب أن تكون «الدائرة الاقتصادية» للدولة تسير وفق قانون الاقتصاد العام، وهي أن تتكون حالة من التوازن بين المداخيل والمصروفات، وحين يتم الاستغناء أو التضحية برفاهية معينة للمواطنين، يقابلها عطاء معتدل لهم في ذات الوقت، حتى لا تختل الحركة العامة لتدوير رؤوس الأموال بين الدولة والشعب، وكذلك يظل الوضع الاقتصادي مريحاً للغاية، حتى لو زالت بعض مظاهر الرفاهية كما يطلقون عليها، لكن ما هو مهم هنا، هو ألا يكون الوضع الاقتصادي ضاغطاً على الناس بطريقة مؤذية أو مزعجة.
هذا الأمر المتعلق بالتوازن الاقتصادي، يتطلب الكثير من الدراسة المتأنية من طرف المسؤولين عن هذه القرارات المهمة، كما يتطلب من الجميع أن يتفهموا حقيقة الوضع الاقتصادي للدولة في شكله العام، ليكون التفاهم ولو لهذه المرحلة مدخلاً منطقياً للدخول في خانة المعقول، دون زيادة أو نقصان، فكل المواطنين يتفهمون واقع الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة، وعلى أثر وعي الجماهير بهذا الأمر، يجب على الدولة في المقابل أن تتفهم العكس كذلك، وبهذا يكون البناء المشترك والمتوازن في قضايا الاقتصاد والمعيشة هو الذي ينهي هذه الجدلية داخل الشارع البحريني.
ما يجب أن نؤكد عليه اليوم، هو أن يظل حق المواطن البحريني محفوظاً في ظل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة، وألا تمس لقمة عيشه قدر المستطاع، بل نحن نحاول أن ندفع بالفكرة التي تقول إن ما توفره الدولة من موازنات كبيرة جراء التقشف الحالي، يجب أن يذهب إلى المواطنين في صورة موازنات داخل خزانة الحكومة من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية، وبهذا يكون التوازن هو الحكم، وليست القرارات الانفعالية من قبل كل الأطراف.