في خضم ما يدور من أحداث متسارعة في المنطقة وتداعيات تأثيرها السلبي في المقام الأول على الجانب الاقتصادي للفرد، ودفعه لإعادة التفكير في آلية حصر بنود ميزانيته الفردية أو العائلية بالضروريات والأساسيات، وغض النظر عن العشوائيات، إضافةً إلى انتباهنا إلى مسار هذه التغييرات وتأثيرها على الجانب النفسي في آن معاً، نجد أنفسنا بحالة صمت أمام موجة الرسائل، والتي تهب علينا كالجراد العاصف، لتكتسح أجهزتنا التليفونية، والتي ما فتئ مرسلوها من إبراز مواهبهم التحليلية والتي أحياناً كثيرة تكون صائبة باعتبار أن الخبرة والتجارب تعزز مواطن المعرفة للشخص، وتضعنا في المقابل أمام مجموعة من التساؤلات، علماً بأن الكثير من الرسائل تحمل في طياتها جانباً سلبياً هداماً ليس له مكان من الحقيقة، إلا أننا لا ننكر تمايلنا مع هذه الموجات الباردة تارة، والحارة تارات كُثر.
لذلك فبعد يوم عمل طويل وكالعادة فتحت جهاز الراديو في السيارة كي أنور بعض الأجواء المعتمة، لتكون محطتي الأولى سياسية إخبارية، فبعد الفاصل الإعلاني كان لي حظ «غير موفق» لسماعي تحليلاً اقتصادياً وإن كان حقيقياً وفيه الكثير من المنطقية إلا أنه يغث ويشغل البال، الأمر الذي دفعني إلى أن أغير المحطة كي أعدل المزاج الذي تدمر من أخبار المحطة السابقة، وإذا بي أفاجأ بأن المذيع قد قرأ في بعض المواقع الإلكترونية التحليلية أن «شباب إحدى الدول العربية يستنفد 50 مليون ريال يومياً على الدخان وأن ما يزيد عن 22 ألف مواطن يموتون سنوياً بسبب الآفة نفسها! هذه الأخبار المفجعة كانت كفيلة بأن أنتقل إلى محطة أخرى لأسمع أنه: «توجه شاهد عيان إلى إحدى مراكز الشرطة للإبلاغ عن شاب قام بالتهجم والصفع والركل لعامل غسيل سيارته لأنه بالخطأ أدخل الماء إلى سيارته خلال غسلها»، فأي إنسانية نتحدث عنها!! ولكن تبقى أكثر المحطات تأثيراً عندما سمعت أن أهالي منطقة في سوريا محاصرة من أي دعم غذائي لدرجة أنهم لم يجدوا أوراق الشجر ليأكلوها لأنها أصبحت مغطاة تماماً بالثلوج، وأنهم يأكلون الثلوج التي يغطي ديارهم!! فمن محطة لمحطة إلى أن وصلت بيتي وأنا أجري مقارنة بين ما نعيشه وبين ما أسمعه، فاكتشفت أننا نعيش في نعمة لا تقدر بثمن ألا وهي الأمن والسلام، وكلي إيمان بالله عز وجل أنها سحابة صيف و»حاتعدي» بسلام.
وكما يقول المثل: من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.