بإلقاء نظرة على تاريخ أمتينا العربية والإسلامية والتمعن في القيم والعادات والتقاليد والتراث النبيل لهما، يتبين لنا البعد الإنساني والأخلاقي الخالص لهما، خصوصاً من حيث التعايش السلمي والتكافل الاجتماعي والتعاون والتعاضد، فهناك الكثير من الصفحات المشرقة التي تشير إلى أحداث وأمور وتفاصيل من هذا القبيل.
ما نقلته وسائل الإعلام عن تعرض 9 مساجد سنية على الأقل وعشرات المتاجر التي تعود أيضاً لأبناء الطائفة السنية في العراق لاعتداءات بإلقاء قنابل حارقة عليها، أمر يدعو للأسف البالغ لأنه نهج غريب ومرفوض وشاذ على واقعنا ويأتي في وقت تحتاج فيه العديد من الدول التي طالتها نار الحقد الطائفي إلى التهدئة وإعادة الأمل والثقة السابقة، ومد الجسور وأواصر المحبة بين مكونات شعوب تلك الدول وخصوصاً العراق وسوريا.
إثارة الفتنة الطائفية التي تبعث على خلق أجواء الحقد والكراهية والفرقة والانقسام بين أبناء الشعب الواحد والتأثير سلباً على السلام والأمن والاستقرار، أمر قد حذرنا منه ومن آثاره ونتائجه وتداعياته وطالبنا على الدوام باتخاذ الحيطة والحذر من جانب السنة والشيعة على حد سواء، والتأكيد على أن المستفيد الوحيد من وراء مثل هذه الحوادث الإجرامية هم أعداء أمتنا ومختلف بلداننا العربية. إن المستفيد الوحيد من هكذا حوادث مشبوهة هو نظام ولاية الفقيه في إيران، ولذلك فإن المطلوب في هذه الفترة بصورة خاصة الحذر والتعقل من قبل أبناء الطائفتين وعدم السماح بأن تسيطر عليهما حالات الانفعال وثورات غضب عمياء.
التعرض للمساجد ولدور العبادة عامة، أمر محرم ومرفوض شرعاً بصورة قطعية وأن الجدير بالانتباه والملاحظة هنا، هو أن هذه الظاهرة الشاذة والسلبية قد بدأت بالظهور بعد أن بدأت إيران بتدخلاتها في دول المنطقة ولاسيما عقب الاحتلال الأمريكي للعراق وسعيها لاستغلال أجواء الفتنة الطائفية واقتتال أبناء الشعب العراقي من أجل الصيد في الماء العكر، وفرض هيمنتها، ونود هنا أن نذكر إخواننا السنة والشيعة على حد سواء بالطرق والأساليب المشبوهة لإيران بهذا الصدد، ولا سيما ما صرح به الجنرال جورج كيسي، قائد القوات الأمريكية السابق في العراق باتهامه إيران بتورطها في حادثة مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء عام 2006، والذي قاد إلى فتنة ومواجهة طائفية دموية غير مسبوقة، كما إننا نجد أنه من المناسب أن نذكر أيضاً بما أدلى به أحد قادة الحرس الثوري الإيراني أكبر كنجي عن تورط الاستخبارات الإيرانية في حادثة تفجير مرقد الإمام الرضا في مدينة مشهد في يونيو 1994، والتي اتهم فيها حينها منظمة «مجاهدي خلق» كذباً وبهتاناً.
إننا في الوقت الذي ندعو فيه من موقعنا الإسلامي وبحكم مسؤوليتنا الشرعية كافة أبناء الشعب العراقي خاصة ومعظم أبناء الأمة العربية عامة لإدانة وشجب هذه الجريمة النكراء المعادية للإسلام ولقيمه وتعاليمه الحنيفة والمخالفة لمنهج التعايش الذي تعودت عليه مختلف مكونات وشرائح الأمة العربية، فإننا ندعو أيضاً المراجع الكرام لكي يكون لهم موقف قاطع وحازم بهذا الصدد كي يمنعوا المتصيدين في الماء العكر من استغلال إراقة دماء أبناء الشعب العراقي من أجل تحقيق أهداف وغايات خبيثة ومشبوهة.
* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان