مع الاحترام الشديد لمجلس النواب، ومجموعة النواب الذين يزيد عددهم عن ثلثي المجلس الذين قدموا طلباً للاستجواب، فإننا كمواطنين نعتبر هذه الخطوة «أضعف الإيمان»، إذ حتى لو سلمنا بأن المجلس نجح في حجب الثقة عن وزير، فما الذي سيتغير بعدها؟!
المشكلة لم تعد محصورة بهذا الوزير أو ذاك، إذ لو تم حجب الثقة لأول مرة في تاريخ المجلس، فإن الإجراء سيكون بتعويضهما بتعيين وزراء محلهم، لكن العمليات ستظل نفسها في شأن عمل القطاعين.
التحركات المطلوبة والإجراءات المتخذة لابد وأن تكون ذات تأثير أكبر، فمشكلتنا اليوم تعدت الإشكالية مع أشخاص بحسب مواقع عملهم ومسؤولياتهم، اليوم العملية تدخل في إطار السياسة العامة وتوجهات التعامل مع الأزمة.
كل إجراء يتخذ اليوم، حتى لو أدى لمزيد من التقشف الذي يطال المواطن ويؤثر في سير حياته، مبرراته ومسوغاته موجودة وستقدم بشكل سهل من قبل الجهات الرسمية، إذ التشخيص يقول إن هناك أزمة عالمية مرتبطة بتهاوي سعر النفط، وعليه فإنه «لا حول ولا قوة».
ندرك أننا كمواطنين أسقط في يدنا، ولا يمكن لأي نوع من الاستياء والامتعاض أو أية تحركات أن تغير الكثير، إذ الإجراء مرتبط بالدولة، والقرارات معنية بها في ظل الواقع الاقتصادي، والذي معه قد لا ينجح أي تحرك للنواب، حتى الاستقالة ستكون تسجيلاً لموقف، معها سيعاد تشكيل المجلس عبر انتخابات أخرى وستجدون من يدخل لأن البرلمان وجد ليبقى كجزء من منظومة المملكة في جوانبها الديمقراطية.
التشخيص الواقعي البعيد عن العاطفة للمشهد مؤلم، وندرك ذلك، وندرك بأن المواطن يعيش اليوم وضعاً صعباً عليه، قد يكون غير مسبوق، والقلق بأن يسود الإيمان بصعوبة تغييره في المدى القريب.
وعليه فإن التركيز على المعالجة هو الأهم هنا، وأهم الرسائل التي يجب أن تصل للدولة وأن تضع لها اعتباراً وتحرص عليه هي تلك التي تتحدث عن مبدأ عدم تضرر المواطن، أو بالأصح عدم تضرره أكثر، ما يعني أن ما حصل حتى الآن يكفي الناس حتى تتأقلم مع تداعياته، أي ما يعني بصورة أوضح بأنه من الخطير اتخاذ خطوات أكثر في نفس اتجاه رفع الرسوم أو رفع الدعم أو المساس بمكتسبات المواطن المرتبطة في وظيفته وحقوقه المكتسبة من علاوات وزيادات.
بالتالي سنقول اليوم بأن «الكرة» في ملعب الدولة ومسؤوليها، وليس المواطن، والتعامل المطلوب بصورته الصحيحة والناجعة التي لا تؤثر على الناس مطلوب من قبل المسؤولين عن وضع السياسات.
ولذلك فإننا نكرر التساؤلات الهامة التي تمس المواطن سعياً للتحصل على إجابات من شأنها طمأنة الناس وتقليل نسبة القلق لديهم، وهنا نقول بضرورة عدم التقليل من شأن هذه المسألة، فالمواطن إن غابت عنه الطمأنينة وإن طغى عليه القلق فإن الخوف من تأثيرات سلبية تعود على سير الحياة العادية للمجتمع.
بالتالي التساؤلات التالية مطلوب الإجابة عليها بوضوح من منطلق احتواء قلق الناس وطمأنتهم، ومعنية بأية توجهات قادمة لزيادة الأعباء المالية وزيادة الرسوم.
هل ستكون هناك عمليات رفع دعم أخرى؟! هل سيطال التقشف الناس في رواتبهم وعلاواتهم؟! هل ستتغير سياسات معينة بمنح الخدمات للناس؟! هل سياسة التقشف وتقليل النفقات حققت المطلوب منها حتى الآن؟! وما هو رقم الوفر المالي الذي تحقق من ذلك؟! وأيضاً، ماذا غير ذلك في عملية سد جزء من الدين العام؟!
حينما نتكاشف مع الناس، وحينما نعرض عليهم الوضع بكل تفاصيله، وحينما نستمع باهتمام لآرائهم ومخاوفهم وانتقاداتهم، حينها يمكن القول إننا سنعمل معهم، وسيكون معنا جنباً بجنب في شأن التعامل مع المشكلة.
لكن إن اختفى هذا التواصل، وتولدت قناعة لدى الناس بأن واضعي السياسة والمسؤولين يعملون بمعزل عنهم، فإن الاستياء يتولد، والجزم بأن التفكير في المواطن ليس أولوية سيترسخ.
أعتقد أن ما نقوله مفهوم ورسالته سهلة الوصول، نعم نحن في وضع حرج، وعدم توضيح الأمور بشكل صريح، وعدم بيان حقيقة الوضع بالأرقام وبيان وجود خطة محكمة مدروسة من عدمها أمر مهم.
المواطن اليوم قلق وهذا شعور متوقع إزاء ما يحصل من خطوات، المواطن يدرك بأن النفط هو اللاعب الرئيس في المسألة، لكنه في نفس الوقت يلتفت يمنة ويسرة ويرى أموراً يتساءل معها لماذا لا نفعل كذا أو ننتهج نفس الخطوات؟!
يجب أن نضع المواطن أمامنا قبل اتخاذ أي خطوة، ففي النهاية المفترض بأنه هو الهدف الذي من أجله يعمل الجميع.