في علم الإدارة هناك قاعدة ذهبية أساسية وهي «إذا لم تستطع قياسه فلن تستطيع إدارته، وهي تعريب للعبارة الإدارية، «If You Can't Measure It, You Can't Manage It»، وهذه القاعدة بلا شك تجعل جميع الإداريين الناجحين يضعون خططهم على مبدأ أن تكون قابلة للقياس. أما باقي الإداريين فترى خططهم هلامية ومطاطة وإنشائية وغير قابلة للقياس.
وللأمانة فإن خطة وزارة الصناعة والتجارة في جانب السياحة جاء مطابقاً لهذه القاعدة الإدارية، فمن الجميل أن نقرأ خبراً فيه خطة مرتبطة بأرقام قابلة للقياس بالإضافة إلى مدى زمني لتطبق هذه الخطة.
لا يخفى على أي أحد منا وخصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية التي نمر بها ضرورة تشجيع المشاريع السياحية، والغريب في أمر مملكة البحرين أنه وعلى الرغم من افتقار مملكة البحرين للبنية التحتية الصحيحة السياحية، وشح المرافق السياحية، إلا أنها مكتظة بالسياح.
مازلت أذكر عندما حاولت حجز غرفة في أحد الفنادق في مملكة البحرين بمناسبة إجازة عيد العمال، وكانت معظم الفنادق مليئة عن بكرة أبيها ولا تستوعب حجوزات إضافية!
والكل يشهد على أن مجمعاتنا المعدودة والمحصورة والتي لا تتجاوز عدد اليد الواحدة تشهد إقبالاً منقطع النظير سواء من المواطنين أو السياح الخليجيين والأجانب. وكل فعالية في البحرين تشهد على أن البحرين «لديها قبول سياحي» بدرجة امتياز.
ليس هذا فحسب، فمجهودات هيئة البحرين للثقافة والآثار بقيادة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وضعت البحرين على الخارطة السياحية العالمية وليست الخليجية فقط، وإن المشاريع السياحية التراثية الرائدة التي تقوم بها ذات بعد استراتيجي يستوجب منا جميعاً أن نشجعها على مواصلته.
مشاريع تاريخية رائعة تمثل أصالة وعراقة وحضارة مملكة البحرين منتشرة في جميع أرجاء المملكة ولكن! للأسف الجهود مشتتة، وعادة ما تنتج الجهود المشتتة عن مشاريع غير متكاملة.
في أي دولة سياحية عربية كانت أو أجنبية هناك توليفة كاملة للمنتج السياحي، فلو تحدثت مثلاً عن برج إيفل في فرنسا، سنجد البرج، وسنجد فنادق مطلة وقريبة من البرج، وسنشاهد مواصلات أساسية من وإلى البرج، وسنشاهد مطاعم ومحلات تجارية على جانبي البرج، وسنجد عروضاً مسائية في البرج.. هذا ما أقصده بالمنتج السياحي المتكامل.. فالسائح لا يذهب لمشاهدة برج إيفل وحسب ولكنه يستفيد من كل الخدمات المساندة لبرج إيفل، ومثل هذا الوصف ينطبق تماماً على برج خليفة في الإمارات الشقيقة، ولكن أين نحن من هذا الشيء؟!
مشروع رائد كمشروع طريق اللؤلؤ يستوجب منا جميعاً أن نكون شركاء حقيقيين فيه، هذا المشروع أشبه بالمدن القديمة في أوروبا، فأين تجارنا من الاستثمار في السياحة؟ لا أوقع اللوم على هيئة الثقافة، فهيئة الثقافة تعمل على قدم وساق من أجل إنجاز هذا المشروع الذي حظي بتأييد عالمي، ولكن أين تجارنا من الاستفادة من هذا المشروع وغيره من المشاريع السياحية الرائعة؟!
وإذا عدنا للسياحة بشكل عام نجد أن أعداد المجمعات وحجمها وأماكنها تحتاج إلى إعادة دراسة، فلم لا يكون هناك مدينة سياحية متكاملة بالقرب من جسر الملك فهد مثلاً.
لماذا لم تستفد المملكة من جزر حوار! وهنا سأتوقف عند كلمة لأحد المستثمرين عندما قال «لو كانت جزيرة حوار عند أحد دول الخليج لجعلوها «هاواي» الخليج! وأكمل حديثه، كل مستثمر هرب من صعوبة الإجراءات في البحرين احتضنته هذه الدولة وتقدمت وتطورت.. ونحن مازلنا نضع شروطاً تعجيزية تجعل رؤوس الأموال تهرب للخارج!!