اليوم تمر بلادنا العزيزة بامتحان صعب وظروف لم تمر بها من قبل، لكنها بتكاتف المواطنين وتضافرهم وبالعمل الجاد ستجتاز هذه المرحلة بنجاح وستوفر للعالم مثالاً عملياً ونموذجاً على قدرة الإنسان البحريني في التعامل مع الصعوبات وتجاوزها وتحويل سالبها إلى إيجابي. فالبحريني كما تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، «يتعامل مع التحديات بحضارة لتحقيق مصلحة الوطن العليا». وكما أكد جلالته فإن عملية الإصلاح والتطوير لن تتوقف وستستمر سعياً لمواصلة بناء الوطن وازدهاره .
مرحلة صعبة ولا شك، مليئة بالتحديات والمخاطر، تمتاز بإيقاعها السريع وبتغيراتها المفاجئة التي يصعب معها أحياناً حتى توقع ما سيحدث في الأيام القليلة التالية. فالمنطقة «مشتعلة» والرامون إلى زعزعة استقرارها كثر وقساة، لذا فإن المطلوب في هذه المرحلة هو تضافر كل الجهود والعمل بجدية لنتمكن من التعامل مع كل المستجدات والمتغيرات بما يضمن عدم تعطل خطط التنمية ومنع تأثر الحريات التي تم اكتسابها أياً كانت الأسباب ومواصلة برامج الإصلاح والتطوير، فتعطل هذه البرامج والخطط والمشروعات ليست في صالح الوطن أبدا، ومن غير المعقول أن نقبل بضياع الشوط الذي قطعناه وحققنا فيه الكثير من المكاسب والنجاحات.
الفارق بيننا نحن أهل البحرين وبين شعوب أخرى كثيرة هو أننا ننتمي إلى حضارة عريقة ونسعى دائماً إلى تطوير أدواتنا ونمتلك القدرة على التفاعل والتكيف مع مختلف الظروف ونعتبر المراحل الصعبة التي نمر بها محكات نختبر بها قدرتنا على التحدي وعلى تحقيق الإنجازات، لهذا فإننا لا نقلق كثيرا لكن ينبغي أيضاً ألا نستكين وإنما نعمل بجد واجتهاد لنؤكد قدرتنا على مواجهة الصعاب أولاً ولنمنع تحكمها فينا والتأثير على ثوابتنا ومكاسبنا.
«شدة وتزول»، هكذا نقول في البحرين ونؤمن أن هذه الشدة لن تطول. فبالإضافة إلى ثقتنا في الله سبحانه وتعالى وإيماننا العميق بالمستقبل وتفاؤلنا فإننا نثق كذلك في قدراتنا وعقولنا وسواعدنا، ونثق في قيادتنا الرشيدة التي اعتمدت الخطط المناسبة للتعامل مع هذه المرحلة وتجاوزها سريعاً وبأقل الأضرار.
لكن العمل في مثل هذه الظروف ليس فرض كفاية يسقط عن الآخرين إن قام به البعض، لذا فإن على الجميع من دون استثناء أن يعمل وبشكل جاد ويتكاتف كي تسير الأمور كما نريد، وهذا يعني أيضاً أن نعمل على سد كل الأبواب التي تستنزف طاقاتنا وقدراتنا في هذه الفترة، وتشغلنا عن التركيز على المهم والأهم. كل الأمور الحياتية لا يمكن أن تتم بالشكل الصحيح لو أننا فرطنا في الأمن والنظام ولم نحافظ عليهما، ففي غيابهما لا تنمو التجارة ولا يرتفع مستوى المعيشة ولا يتطور التعليم ولا الثقافة ويتوقف نمو الحريات الفردية والمجتمعية وننشغل بالثانوي من الأمور عن الرئيسي فيتضرر الجميع ونتخلف عن الركب.
في هذه المرحلة لا يمكن إعفاء أحد من المسؤولية مهما كانت الأسباب، وفيها صار لزاماً على تلك الفئة التي توصف بالصامتة بشكل خاص أن تتمرد على سلبيتها وتثبت أنها جزء من هذا الوطن وأنها تدرك مسؤولياتها وقادرة على أن تقدم ما ينفع. ليس منطقاً القول إن الحكومة هي المعنية فقط بإخراجنا مما نحن فيه، وليس منطقاً تهميش الأطراف الأخرى وأولها الفئة الصامتة والجمعيات السياسية التي ينبغي أن يتحملا مسؤولياتهما كاملة ويسهما بفاعلية في مختلف الأنشطة المعينة على تقوية الجبهة الداخلية وتأهيلها لتتمكن من مواجهة مختلف المتغيرات والمستجدات.
التمكن من سد الأبواب التي يأتي منها الأذى في الداخل كفيل بتمكن المملكة من مواجهة الأذى الذي يأتي من الخارج، وهذا وذاك لا يمكن أن يتحققا من دون التعامل مع ما يجري بجدية وبتكاتف وتضامن الجميع.