كمواطنة لا علاقة لي بالتجارة ولا أملك سجلاً تجارياً ولكنني معنية بتحدي الظروف التي تمر بها بلادي اليوم وتحديداً في ظل انهيار أسعار النفط والبحث عن بدائل وتنوع في الاقتصاد بدلاً من اللطم، وفي ظل غياب رؤية واضحة للحكومة في هذا الاتجاه، نتطلع كمواطنين إلى دور لغرفة تجارة و صناعة البحرين أكبر من «اللادور» الذي تنام عليه الغرفة الآن.
الغرفة في وضعها الحالي أشبه برائد فضاء نسته مركبته ومحطته الفضائية وتركته هائماً فاقداً للجاذبية يسبح في الفراغ، وهناك على كوكب الأرض تنفجر البراكين والأعاصير وهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم.
البحرينيون اليوم يتطلعون لمؤسسة اقتصادية رديفة للمؤسسات الرسمية المعنية بالشأن الاقتصادي، بعد أن قالت لهم الدولة «ما عندي فلوس دبروا حالكم».
الدور الذي ننتظره من الغرفة اليوم لا يعنينا فيه من يكون على رأسها، فلان أو علان، إذ قد يذهب فلان و يأتي بدلاً منه علان و تكون المعركة الدائرة الحالية لا يقصد منها سوى طلع الوجيه الفلاني ودخل الوجيه العلاني، أي الوصول فقط لسدة الرئاسة ومن بعدها ستعود الغرفة لتسبح في الفراغ، وكأن التغيير كان تغييراً عبثياً على رقعة للشطرنج بالية، لا كشت ملكاً ولا أدنت وزيراً أو حركت قلعة أو فيلاً.
ما يعنينا أننا ننتظر أن تلعب الغرفة في هذا الوقت تحديداً دوراً نشطاً يستلزم أن تكون حركة الرئيس فيها ومعه مجلس الإدارة حركة تعادل في نشاطها الميداني والإعلامي أن لم تزد عن حركة ونشاط وزير التجارة ومجلس إدارة التنمية الاقتصادية وكذلك وزير المالية مجتمعين .. نعم مجتمعين دون مبالغة.
بيت التجار اليوم عليه أن يكون في المقدمة لتحريك السوق على المستوى المحلي و جذب السوق السعودي تحديداً وفتحه للتجارة البحرينية والخليجية عموماً، وعلى وزراء المالية والتجارة والاقتصاد أن يتبعوا حراك الغرفة لا العكس.
بيت التجار عليه أن يقوم بحراك مكوكي داخل وخارج البحرين للبحث في سبل تنشيط التجارة البينية وتذليل عقبات المواصلات والاتصالات والإجراءات والتعقيدات، بيت التجارة عليه ألا يفتح صفحة جديدة بل عليه أن يرمي الكتيب الإرشادي السابق الذي تسير عليه الغرفة منذ 1960 إلى اليوم، ويبحث عن الكتيب الإرشادي السابق حين كان يملك الجرأة والخطاب الصريح والقوي الذي يحرج فيه أي خمول حكومي أو تقاعس، بل وأن يقود حراكاً يضيق فيه الخناق على أي فساد محتمل وجوده في القطاع الحكومي يقف حائلاً بين المساواة في الفرص وبين التجار.
بيت التجار عليه أن يتحمل مسؤولية النهوض بقطاعات اقتصادية «شالت» اقتصاد دول أخرى كالمشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة ومهددة اليوم أن تتحطم هذه الأجنة الصغيرة تحت وطأة التقشف وتحت وطأة التعقيدات والبيروقراطية الحكومية الهرمة.
هذا وغيره ننتظره من بيت التجار ومن اعتقد أنه ليس أهلاً لهذه المهمة أو أن تلك المهمات أكبر من بيت التجار ومن صلاحياتها أو حدود إمكانياتها عليه أن يفسح المجال لمن لديه القدرة على لعب هذا الدور.
في السابق قبل النفط كان للتجار الدور القيادي في نهضة البلد فهم كانوا عماد البلد الاقتصادي وبعد النفط سلبتهم الدولة هذا الدور فأصبحوا تابعين ومجرد تجار وكالات ينتظرون فتات المناقصات التي تلقيها الحكومة لهم، ونجحت نتيجة هذه التبعية في تخطيمهم و قيادتهم.
اليوم عدنا إلى عصر ما قبل النفط، والفتات الحكومي في تراجع، فماذا بقي لكم من أعذار لهذه التبعية وهذا الخمول؟
اليوم يحتاج بيت التجار أن يكون مستقلاً استقلالاً تاماً عن الحكومة، وأن يكون بيت التجار هو الرديف الاقتصادي المراقب للأداء الحكومي والراسم لنهضة البحرين الاقتصادية، فمن يجد في نفسه القدرة والإمكانية والشجاعة لإعادة الهيبة والصلاحية والسلطة والقدرة لأن يلعب هذا الدور فعليه أن يتصدر المشهد وإلا فالبيت يتعذره، وسواء بقي الرئيس أو تغير فإننا لن نغير مطالبتنا لمن سيتصدر المشهد، ولن تتغير معايير تقييمنا لأدائه، فآخر السطر عندنا أنه لا يهمنا من هو؟ ومن عائلة من هو؟ كما أن القول ينطبق على جميع أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية.
أما موضوع الخلاف الذي يشغل الغرفة الآن في هذا الوقت تحديداً فهو لا يزيد عن «بربسة».