نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ عبد الأمير قبلان هنأ إيران بمناسبة رفع العقوبات عنها، لكن بيانه تضمن عبارات غير قابلة للترجمة على أرض الواقع، فرفع العقوبات الذي وصفه بـ «الإنجاز الإيراني» لا يمكن أن يكون «محطة مفصلية في إعادة التضامن العربي الإسلامي»، ولا يمكن لإيران أن «تكون قوة إضافية للعرب في نصرة القضايا العربية والإسلامية ولا سيما القضية الفلسطينية»، والعلاقة المتوترة دائماً بين العرب وإيران بسبب سلوك طهران لا يمكن أن تعين على «تفعيل التعاون العربي الإسلامي بين مكونات الأمة بما يعيد الوئام إلى قادتها وشعوبها ويفضي إلى إنتاج حلول سلمية للأزمات في سوريا واليمن والبحرين والعراق». ما غاب عن الشيخ قبلان هو أن كل هذا لا يمكن أن يتحقق لسبب واحد هو إيران، فلو كان سلوك إيران سوياً لما حدث كثير من الذي حدث لها ولغيرها، ولو كانت إيران عاقلة لما اتخذت قراراً بمعاداة العالم طوال خمس وثلاثين عاماً أذاقت خلالها شعبها الفقر بأنواعه، ولو كانت كذلك لما سعت إلى الإساءة إلى جيرانها الطيبين المسالمين.
حلم الشيخ قبلان وانخداعه بإيران وصل حد تضمينه بيانه «مطالبة الدول العربية والإسلامية بأن تستفيد من إيران على مختلف الصعد التقنية والعلمية»، بل إنه اعتبر إيران «قوة أساسية للعرب والمسلمين ينبغي التعاون معها وعدم معاداتها»، وزاد أن إيران «أثبتت بالتجربة أنها خير سند لقضايا العرب والمسلمين حتى باتت قلعة من قلاع الإسلام تذود عنه الأخطار والافتراءات»!
من الآخر، على حد تعبير المصريين، ينبغي على الشيخ قبلان أن يعلم أن إيران هي «ساس البلى»، وبالتالي لا يمكن أن تنتج حلاً لأي أزمة فهي لا تنتج إلا الأزمات، لا في سوريا والعراق ولا في البحرين واليمن. الأمر الذي يمكن أن تشارك فيه ويكون مؤثراً بالفعل وعملياً هو أن تتوقف عن التدخل في كل هذه الدول وغيرها وتلتفت لشعبها الذي لم يذق طعم الحياة منذ أن احتل الملالي مقاعد الحكومة في إيران واعتقدوا أنهم قادرون على تغيير العالم وجعله تابعاً لهم.
ترى من ذا الذي يمكنه أن يأمن جانب إيران بعد كل هذه الأفعال التي مارستها وتدخلها في شؤون دول المنطقة؟ إيران أساءت كثيراً لكل جيرانها، ويكفي مثالاً تدخلها في البحرين ودعمها لكل من يريد الإساءة إلى الحكم فيها على مدى السنوات الخمس الأخيرة بشكل خاص، ويكفي التذكير بترسانة الأسلحة التي تم اكتشافها في إحدى المزارع بالعبدلي بدولة الكويت وتلك التي حاولت تهريبها إلى مملكة البحرين.
كثيرة هي الأمثلة والأدلة على تجاوزات إيران ومحاولاتها ضرب الاستقرار في العديد من دول المنطقة، وكثيرة هي الأسباب التي تمنع دول المنطقة من الثقة فيها والتعاون معها، على الأقل في هذه المرحلة التي لايزال أثر فأسها واضحاً فكيف يمكن لأحد أن يعاهدها؟ إيران لا تفكر في تصدير العلم والتقنية ولا يهمها سوى أن تحقق الأهداف التي وضعتها لنفسها ضمن استراتيجية عنوانها التوسع والسيطرة. إيران تعتقد أنها الوحيدة في المشهد وأنها التي ينبغي أن تسود وتحكم المنطقة والعالم، وبالتالي يصعب على دول المنطقة أن تأمنها طالما ظلت حاملة لتلك الفأس ومستخدمة لها.
السؤال البديهي هو كيف تنظر إيران إلى دول المنطقة اليوم بعد رفع العقوبات عنها وتصالحها مع الشيطان الأكبر؟ إذا كانت تلك «فعايلها» وهي خاضعة للعقوبات فكيف يمكن لأي دولة أن تأمن جانبها بعد أن حررت منها؟
بيان الشيخ قبلان يؤكد أحد أمرين، إما أنه يعيش خارج العصر أو أننا نحن الذين نعيش خارجه.