اللقاء التلفزيوني الذي بثته قناة البحرين مساء أمس الأول، جسد صورة مغايرة لأساليب طرح القضايا الراهنة بل كان بمثابة الطريقة الجديدة التي تصب في تفعيل وتوثيق التواصل مع الجمهور.
إن وجود ستة وزراء في ندوة تلفزيونية دفعة واحدة أمر يستحق الإشادة، حيث أكدوا في المجمل أن الحكومة لديها خطة متكاملة للتعامل مع تحديات الميزانية العامة، من خلال خلق فرص عمل نوعية والمحافظة على نسب متدنية للبطالة، والقضاء على الفجوة بين المصروفات والإيرادات الحكومية خلال ثلاث دورات قادمة للميزانية العامة للوصول إلى نقطة التوازن.
أيضاً أكد الوزراء على خفض نسبة الاعتماد في الميزانية العامة على النفط كمصدر رئيس للإيرادات مواكبة لسياسة تنويع الاقتصاد وإسهامات مختلفة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، والأهم أنهم أكدوا أن الحكومة برغم كل التحديات قادرة على المضي قدماً نحو تنمية مواردها المالية والحفاظ عليها واستدامتها وخلق مصادر دخل متنوعة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتواكب التطلعات المستقبلية.
بعد كل هذه التأكيدات التي تبين الجانب الوردي - على الأقل - خلال المرحلة القادمة، تأتي تأكيدات الاستمرارية في العمل على مستويات مختلفة، فمثلاً تم التأكيد على استمرارية التعاون مع السلطة التشريعية للتعامل مع الوضع الاقتصادي وإطلاق العديد من المبادرات لاستدامة الوضع المالي.
صفة الاستمرارية تأتي أيضاً من سياق حديث وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني على أن الوزارة مستمرة في تطوير خدماتها بما يواكب المتطلبات التنموية وبما يلبي تطلعات المواطنين والمستثمرين.
أيضاً تأكيدات ثالثة على أن الحكومة مستمرة في إصدار حزمة من القوانين والمشاريع التي تعزز من زيادة عدد البحرينيين العاملين في المؤسسات الخاصة مقابل الأجانب.
محطات مختلفة توحدت في صفة «استمرار العمل»، إلا أن الحال يبقى على ما هو عليه وهو مواجهة تحديات اقتصادية كبيرة خيمت بظلالها على حياة المواطن البسيط في كل جوانب حياته، ولم تكتف بذلك بل ستتحكم أيضاً في مستقبله الذي يراد له أن يكون أكثر بهاء وأماناً واستقراراً.
إلى أين نتجه وسط كل ذلك؟ كيف نحمي المواطن من عدم المساس بمفاصل حياته اليومية، وكيف نؤمن له الأساسيات بما يضمن عدم المساس بكرامته، أو الانتقاص من حقوقه ومكتسباته؟ فالمواطن ومنذ عشر سنوات مضت وهو موعود بمستقبل أفضل، يراد له أن يكون واقعاً معاشاً يزداد كل يوم بلا نقصان.
عشر سنوات مضيئة مضت، تحققت خلالها الكثير من المكتسبات المعيشية للمواطن، مكتسبات ليست كلاماً فضفاضاً بل حقيقة تلمسها الإنسان بمقارنة حاله اليوم بعشر سنوات ماضية، بدءاً من ارتفاع في مستوى الأجور في بعض القطاعات، وزيادة مخصصات الفئات الخاصة في المجتمع، وإيلاء المشاريع الخدمية اهتماماً كبيراً تلمسه المواطن بشكل مباشر، اليوم وسط كل ما تضج به البلاد من أزمة، حق القول إن هذه المكتسبات يجب أن يحافظ عليها - على أقل تقدير - لكي لا نكون سائرين إلى الخلف.
لنقتصد.. فلا ضير من ذلك .. لنتحكم في المصروفات.. لنلغ أوجه الترف من مفاصل مجتمعية متعددة لا تلامس المواطن في بيته، ولا تقترب من مستوى معيشته، لاسيما وأن الأولويات واضحة لمن أراد النظر إليها.
بعد كل ذلك تبقى «الاستمرارية» هي أقل ما يمكن أن يكون.