في ندوة عقدت في بيت التجار يوم الأحد نظمتها لجنة الشأن العام جلس التجار يتحاورون مع أنفسهم عن السياسات الحكومية دون وجود من يمثل وجهة النظر الحكومية فلم يحضر أحد رغم الدعوة التي وجهت لهم ،عنوان الندوة يتحدث عن الآثار السلبية والإيجابية لرفع الدعم ولاحتمال فرض الضرائب.
المواطن كان الحاضر الغائب في الندوة كالمتفرج على مباراة التنس بين التجار والحكومة وهي المتهم الذي حوكم غيابياً، رغم أنها الندوة الأولى التي تعقد حول هذا الموضوع الهام وفي هذا الوقت الذي تجري فيه تلك المتغيرات والمنعطف التاريخي على المنطقة وفي ظل هذا الجدل والاتهامات الموجهة للحكومة بأنها تنفرد في القرارات، إلا أن الحكومة لم تحضر!
لا منصة للاستجواب يريدون أن يصعدها وزراؤنا للإجابة على أسئلة الناس، ولا يريدون الظهور على الشاشة في حوار حقيقي، ولا حتى قبلوا بوجودهم في ندوة مغلقة مع التجار ، إذن مع من يتحاور الناس مواطنين كانوا أم تجاراً؟ من نسأل؟ وإلى متى هذا التهرب؟ هذه مشكلة حقيقية فعلاً، من غير الطبيعي أن تؤجل المواجهات إلى هذه الدرجة حتى مع هذه الدرجة من التحفظ الذي مثلته الندوة أي في غرفة صغيرة وجميع من فيها تجار معروفون بدءاً من رئيس الغرفة إلى أعضاء مجلس الإدارة ورؤساء لجانها وأعضاء مجلس شورى!!.
وزراؤنا أحاطوا أنفسهم بدرع سلحفائي لا يخرجون رأسهم من تحته إلا إذا تأكدوا أنه لا أحد سيسألهم أو يواجههم من الناس، لابد أن يسبق الحوار معهم «بروفة» وهم الذين يضعون الأسئلة ويحددون سقفها إن ظهروا على الشاشة، فإن اجتمعوا مع السلطة التشريعية تهربوا من الاستجواب وإن حضروا الجلسات يريدون أن يكتبوا هم مضابط الجلسات فلا تخلو جلسة من طلبات الشطب الحكومية لكلام أعضاء السلطة التشريعية، أما مع التجار فيريدون لقاءات ودية فقط، وحب خشوم!! أما جلسات عمل حقيقية أو ندوة تضم التجار وتضم خبراء اقتصاديين فيتهربون منها، ففي ندوة كهذه الندوة وفي ظرف كالذي نمر به كان التمثيل الحكومي فيها لا يجب أن يقل عن وزير التجارة والمالية والطاقة بشخوصهم لا بمن ينوب عنهم.
السوق يريد أن يطمئن، يريد أن يستقر ويدعوك للحوار معه حتى يعرف إلى أين تتجه السياسة الاقتصادية؟ السوق يعبر عن هوة كبيرة من عدم الثقة بينه وبين الحكومة ويريد أن يفتح الباب للحوار معها وينتهي به المطاف إلى أن يحاور نفسه؟!!
ممثلو الشعب يريدون وزراء لاستجوابهم للاستفهام منهم أولاً عن سياستهم أمام الناس، ويمنحون بذلك الحكومة فرصة لشرح سياستها للناس مباشرة حتى يزيلوا الحرج عن أنفسهم، وكانت فرصة للحكومة خافت أن تأخذها ربما ليس لضعف الحجة إنما للخوف من المواجهة والتحدث المباشر مع الناس.
لا يكفي أن يقتنع (النواب) أن قرارات الحكومة قرارات صائبة، لابد أن يقتنع الناس بذلك، لابد أن يقتنع التجار بذلك، حتى يقتنع البنك الدولي بذلك، وحتى يقتنع المستثمر الأجنبي بذلك، فجهد الحكومة لإقناعهما لن يتم ما لم ير الاثنان (البنك الدولي والمستثمر الأجنبي) أن المجتمع البحريني متقبل ومتعاون، ويحتاج أن يرفق بصور ومؤشرات وأدلة على وجود القناعة الشعبية وصور وأدلة وإثباتات على المشاركة الشعبية الحماسية مع الحكومة، وهذا ما لا تملكه الحكومة إلى الآن، إذ مازالت ممتنعة ومحجمة عن مخاطبة المجتمع وإقناعه من خلال لقاءات حقيقية جدية تحترم عقله وتجيب عن أسئلته واستفساراته، ولا تدخل في درعها السلحفائي كلما طالبها الناس بالإجابة عن أسئلتهم في مجلس نيابي أو في تلفزيون أو في بيت التجار.