في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر الخليجي الحقوقي الثاني الذي أقيم في المنامة السبت الماضي بحضور رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، نبه رئيس مجلس النواب أحمد إبراهيم الملا إلى أن المشكلة الحقوقية في البحرين ليست داخلية وإنما خارجية وتتلخص في «بعض مواقف المنظمات والدول التي تستغل موضوع حقوق الإنسان لغايات سياسية وأهداف استراتيجية»، واضعاً بذلك يده على أس المشكلة ومؤكداً أن تلك المواقف «مكشوفة ومفضوحة وأنها تعتمد على أساليب تنتهج معايير مزدوجة وتقدم تقارير غير منصفة وبيانات غير موضوعية»، وأنها «تسعى من أجل إشعال الفتنة في النسيج الاجتماعي وإشغال الدول الخليجية عن مسيرة الإصلاح والتطوير والبناء والتنمية».
ما تفضل به رئيس مجلس النواب صحيح، وهو توصيف دقيق للواقع، فمشكلة حقوق الإنسان ليست داخلية لأن الدولة هنا مهتمة جداً بهذا الملف وتنفذ كل التوصيات التي ترفع إليها من الجهات ذات العلاقة ومستمرة في توفير التشريعات اللازمة والضامنة والمؤكدة على حقوق الأفراد والجماعات، والمنظمات والدول التي تتخذ مواقف سالبة وتكيل الاتهامات ليل نهار للبحرين لا تفعل ذلك إلا لتحقيق أهداف تم وضعها ضمن استراتيجية ولغايات سياسية بدليل أن كل ما يصلها من توضيحات ومعلومات وأرقام من الحكومة لا تلتفت إليه رغم أهميته وصدقه ودقته وتقدم عليه ما يأتيها من بعض الأفراد والجهات المستفيدة من هذا الملف، تأخذه من دون أن تدقق في محتواه، فكل ما يقوله أولئك صحيح ولا يقبل الشك، وكل ما يأتي من الحكومة مشكوك فيه ومرفوض.
أيضاً صحيح ما قاله رئيس مجلس النواب عن تقديم تلك المنظمات تقارير غير منصفة وبيانات غير موضوعية هدفها إشعال الفتنة في المجتمع وتخريب النسيج الاجتماعي الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تعطيل مسيرة الإصلاح والتطوير، وتعكير صفو الأمن والاستقرار وتجميد كل عملية بناء وتنمية.
في هذا الخصوص تأكد عبر الكثير من الدراسات وجود العديد من المنظمات ومراكز البحث العلمي التي تضمّن تقاريرها معلومات مغلوطة بهدف الابتزاز، وهذا ما صار يراه حتى ضعيف النظر فيما يخص البحرين منذ بدأت الأزمة إثر تلك القفزة المجنونة في الهواء والتي نفذها نفر قليل يعاني من مشكلات في قدراته على قراءة الواقع، فمن يطلع على ما يتم توفيره من تقارير عن حقوق الإنسان في البحرين يكتشف كل أسرار اللعبة، ويتأكد أن الموضوع ليس موضوع حقوق إنسان، وإنما أمور أخرى تم الإعداد لها بدقة.
هذا هو الواقع، فما هو المخرج؟ رئيس مجلس النواب أحمد الملا رأى في كلمته أن «من واجبنا جميعاً، أفراد ومؤسسات، برلمانات وشعوب، التصدي لتلك المنظمات والدول، وكشف أكاذيبها وتحريضها، وحتى دعمها للإرهاب والإرهابيين والمتطرفين»، ووفر في هذا الخصوص مثالاً عملياً على الدور المنوط بمجلس النواب حيث قال إنه سيتم الإعلان قريباً عن «إقامة المنتدى النيابي والحقوقي للمؤسسات والمنظمات الحقوقية البحرينية»، وهي خطوة مهمة للغاية، فمثل هذا المؤتمر كفيل بكشف جوانب كثيرة من الحيل التي تمارسها تلك المنظمات والدول وتروج لقناعاتها السالبة.
لعل من الأمور التي ينبغي الانتباه لها في هذا الخصوص أن نشاط تلك المنظمات والدول ليس موسمياً ولكنه متواصل، لذا ينبغي أيضاً ألا يكون النشاط المحلي والخليجي المضاد له موسمياً أو حسب الظروف والمزاج وإنما متواصل على مدار السنة. من هنا فإن الحاجة ماسة لوضع خطة يضمن بها توفر ما يعين على مواجهة والرد على كل الاتهامات التي تحاول تلك المنظمات ترويجها والإساءة بها إلى البحرين ودول مجلس التعاون.
ليس في الأمر صعوبة، فالأمر لا يحتاج إلا إلى التنسيق بين ذوي العلاقة بهذا الملف في دول المجلس.