هل كان الاتفاق النووي مع إيران قراراً صائباً أم خاطئاً بالنسبة لواشنطن؟ أصبح هذا السؤال نقطة خلافية حول العالم، ولكن الحكم الفاصل سيظهر فقط مع مرور الوقت.
بعد أن تمت الصفقة، هناك مسألة أكثر إلحاحاً: ماذا نفعل مع إيران الآن؟ ماذا ستفعل أمريكا وأصدقاؤها لضمان أن هذا العالم الجديد ما بعد الاتفاق سيصبح أكثر - وليس أقل - أماناً؟
إذا كان كلا الجانبين، الموالي والمعارض للاتفاق النووي، صادقاً في حججه، سيوفر المستقبل أرضية مشتركة للمعارضين والمؤيدين للعمل معاً.
تنازلت إيران عن أجزاء رئيسة من برنامجها النووي، ولكنها ستستمتع بإمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية، وجني عشرات المليارات من الدولارات نقداً، ولن يُتعامل معها على أنها منبوذة دولياً. ولكن العديد من الدول العربية لا تثق في الاتفاق، مما يؤدي إلى لجوئها لقوة السلاح، كما يحصل بالصراع في اليمن، ضد ما تعتبره تهديداً مرتفعاً من إيران، خاصة مع بداية تنفيذ «خطة العمل المشتركة الشاملة JCPOA».
في حين أصر الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري على حد سواء أن الصفقة لها هدف واحد فقط، وهو منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. وأنكرا بشدة الاقتراحات بأن الاتفاق النووي كان جزءاً من خطة أكبر لإعادة وجود أمريكا في الشرق الأوسط وتطوير تحالف أوثق مع إيران على حساب حلفاء أمريكا العرب.
إذ يصر أوباما وكيري على أن البيت الأبيض ليس تحت أي وهم بأن إيران ستصبح دولة أكثر جدارة بالثقة، قائلاً مراراً وتكراراً: «لا تقوم هذه الصفقة على الثقة ولكن على التحقق»، ومن جانبهم، يصر منتقدو «JCPOA»، على أن موقفهم يستند إلى اعتبارات أمنية، وليس إلى دوافع سياسية لتقويض الرئيس.
وفي هذه المرحلة، ينبغي لجميع الأطراف المعنية أن تعمل على تعظيم المنافع وتقليل المخاطر الناجمة عن الصفقة، ففي حال كان كلا الجانبين صادقاً، يجب أن يتضح أن على الولايات المتحدة وحلفائها خلع قفازات الدبلوماسية والتوجه إلى جهد موحد لمنع إيران من اغتنام هذه الفرصة واستغلالها لتعيث فساداً أكبر في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم حقيقة وجود تيار إصلاحي يسعى إلى تعديل سلوك إيران، إلا أنه لا يوجد شك أيضاً في أن الدولة لاتزال تهيمن عليها نواة قوية من المتشددين الذين يتسق مرادهم مع أهداف الثورة الإسلامية في 1979 التي أسقطت الحاكم المؤيد للغرب رضا بهلوي، وأعطت القوة لآية الله الخميني.
تهدف إيران لتصدير ثورتها، إذ يتعهد دستور الدولة فعلياً بدعم لا متناهي لمن تعتبرهم «مستضعفين»، ويحدد بالأخص أن من واجبات الحرس الثوري الإيراني «الوفاء بمهمة الجهاد الأيديولوجية.. وهي بسط سيادة شريعة الله في جميع أنحاء العالم».
والشرق الأوسط والنقاد الغربيون يشعرون بالقلق من احتمال غش إيران، كما فعلت مراراً وتكراراً مع اتفاقية حظر الانتشار النووي، واكتسابها أسلحة نووية أثناء أو مباشرة بعد فترة العشر سنوات التي تقتضيها «خطة العمل المشتركة الشاملة» قبل الرفع التام والشامل عن جميع العقوبات والرقابة على إيران.
* صحافية مستقلة تكتب عن الشؤون العالمية لـ«مايامي هيرالد»، و«ورلد بوليتيكال ريفيو»
نقلاً عن موقع «سي إن إن العربية»