جهود وزارة التربية والتعليم وبعض الجهات واضحة في تنمية روح المواطنة بين طلاب المدارس والعمل على ترسيخ مبادئ المواطنة لديهم، لما للمناهج والمقررات الدراسية من دور واضح في تنمية المواطنة لديهم خصوصاً بعد ما مرت به مملكة البحرين من أحداث وخيانات متتالية، بعيدة كل البعد عن المواطنة والانتماء لهذه الأرض الطيبة، وهذا بالطبع انعكس سلباً على الاقتصاد المحلي والتماسك الاجتماعي بين المجتمع الواحد.
وزارة التربية والتعليم وضعت خطة تدريبية لمنتسبي المدارس لتعزيز المواطنة وحقوق الإنسان للمرحلة الإعدادية، إيماناً من الوزارة بأهمية هذه الخطط التدريبية المكثفة من أجل ترسيخ قيم ثابتة للمواطنة، وهذه بصراحة جهود حثيثة من وزارة التربية والتعليم، إلا أن المواطنة الحقيقية وحب الوطن والانتماء للأرض الذي يعيش عليها الفرد، تأتي من المنزل أولاً مع أول بذور التربية للطفل من قبل أسرته والمحيطين به، لما للأسرة من دور رئيس في جعل الوطن هو الكيان العظيم والخالد الذي لا يتجزأ أو يتحول إلى بضاعة قابلة للسمسرة مع تقلب الأيام.
أتذكر عندما كنت صغيرة مع والدي - الله يرحمه ويغفر له - في السيارة وقبل أن ننطلق في مشوارنا للسوق، رميت كيس البطاطس في الشارع بعد أن انتهيت من أكل محتواه، حينها علمني والدي درساً في المواطنة والمحافظة على نظافة بلادي، عندما أمرني بالنزول ورمي كيس البطاطس في مكانه المخصص، هذا الموقف علمني وأنا صغيرة بأن وطني هو بيتي، وواجبي هو المحافظة عليه، وألا يكون في قاموسي «خله يولي هذا مال الحكومة»، أو أن عمال النظافة سوف «ينظفون وراي»، فالممارسة الفعلية للمواطنة هي المحافظة على الممتلكات العامة مثلما يحافظ الفرد على ممتلكاته الخاصة، لذلك شاهدنا ومازلنا نشاهد سلسلة طويلة من الاعتداءات والتخريب على ممتلكات الوطن، اعتداءات على المدارس - منارة العلم والمعرفة والرقي الفكري - واعتداءات على نوادي رياضية وعلى إشارات المرور وحرق في الشوارع وأيضاً اعتداءات على حقوق الآخرين في ممارسة الحياة بشكل طبيعي والتمتع بكل مرافق الدولة.
الشرخ والفجوة بين الفرد ووطنه أو سد هذه الفجوة تبدأ من الأسرة، كون الأسرة هي المثل الأعلى للطفل، فالأسرة تستطيع أن تشحن أطفالها للكراهية والبغضاء والعداوة للوطن وحتى للمجتمع، وتستطيع الأسرة أيضاً أن تزرع في نفوس أولادها الإيثار وحب الوطن وطاعة ولي الأمر «حاكم البلاد»، كون ذلك واجباً دينياً في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا»، فالأسرة ومن ثم المدرسة لهما دور هام متبادل في تنشئة الطفل على حب الوطن، فالغرس الطيب يأتي بثمار طيبة تتبلور في قيم واتجاهات وسلوك وتفعيل حقيقي لمعنى الانتماء والمواطنة.
أشكر وزارة التربية والتعليم على جهودها في تربية وتعليم أبنائنا، إلا أنني أرجو أن يتم دمج وتكثيف مقرر المواطنة في مقررات التاريخ، تاريخ البحرين، ومادة الجغرافيا أيضاً لتحديد جغرافية البحرين كمنظومة خليجية عربية وإسلامية مستقلة بدلاً من أن تكون المواطنة مقرراً كأي مقرر آخر منفصل.