من منطلق حرية الرأي والتعبير المنصوص عليهما في المواثيق الدولية، ومن منطلق انتشار ظاهرة ما يسمى بـ «المواطن الصحافي» على مواقع التواصل الاجتماعي، ذلك الشخص الذي يعبر عن رأيه الشخصي من خلال محتوى ما ينشره ورصده لمختلف الأحداث الراهنة التي تمس المجتمع، بات الإنترنت يشكل مصدراً للقلق والإزعاج للعديد من الجهات الرسمية.
المصدر الرئيس لتوتر بعض الجهات الرسمية هو زيادة انتشار بعض المدونين والذين اتخذوا الصحافة الإلكترونية نهجاً لهم لنشر المعلومات والآراء من وجهة نظرهم الخاصة، وعدم التزامهم بأخلاقيات النشر وعدم التقيد بالأخلاق الواجب اتباعها. وهذا يتأكد لنا يوماً بعد يوم خاصة مع غياب قواعد قانونية محددة وواضحة تعمل على تأطير مختلف عمليات النشر الافتراضي، التي تتطور بدورها باستمرار تطور قنوات الإعلام الحديثة وتقنيات الاتصال والتواصل.
ومن هنا وجب التذكير بأنه ليس كل من يدون ويكتب وينشر فهو صحافي، وما يسمى بـ «المواطن الصحافي»، والذي ظهر مؤخراً، ما هو إلا فرد من أفراد المجتمع، ربما يكون على قدر من الدراية، وله رأيه الشخصي الخاص، وليس العام، وربما لا يمتلك أو لا يستوعب بشكل مهني محترف أخلاقيات العمل الصحافي الإلكتروني، والذي يفرض على كل جهة مختصة تأهيل هؤلاء المدونين ذوي الآراء والموضوعات الهادفة للنشر، وذلك مثلما حصل خلال العامين الآخرين في معهد البحرين للتنمية السياسية، من خلال توفير ورش العمل اللازمة لذلك التأهيل.
ومن هنا وجب التوضيح والتنبيه لمتابعي حسابات الأخبار ومدونيها أنه بسبب الحيوية التي بات يشهدها الإنترنت في العصر الحديث، ازدحمت تلك الحسابات الافتراضية بالمتابعين والمعلقين على ما ينشرون من معلومات وأخبار، التي مما لاشك فيها تعد إثارة للرأي العام على مواقعهم ومجتمعاتهم الافتراضية فيما يخص كل حدث وقرار جديد، كما حدث مثلاً في اعتماد قرار ارتفاع أسعار المحروقات.
يؤكد الواقع الملحوظ أن هناك صعوبة في الفصل بين ما هو أخلاقي وبين ما هو قانوني، ولا تزال هناك أمور لم يتم الحسم فيها من حيث المبادئ الأخلاقية والقانونية والتشريعية. كما إن هناك العديد من مستخدمي الفضاء الرقمي والإعلام الاجتماعي لا يستطيعون التفرقة بشكل صحيح بين المدون العادي والمواطن الصحافي المختلف عن غيره فيما ينشر.
خلاصة القول، لابد من جانبنا المهني احتواء تلك الفئة وتوجيههم بكتاباتهم، حيث يتوجب عليهم ضرورة ضمان الحياد والدقة في نقل الأخبار، وبالتالي الشفافية التامة، وتحديد مصادر المعلومات ونسبها لأصحابها «المصدر الأساسي»، وتجنب أي ممارسات غير أخلاقية كالتشهير والسب والقذف، واستغلال النفوذ والصور المفبركة، والتأكيد على أن قيمة التعبير وحرية الرأي ترقى بالأمانة الصحافية التي تكمن في نشر الخبر والمعلومة بشكلها الأصلي الصحيح لكسب احترام القارئ والجهة المعنية التي يتم الحديث عنها وتداول أخبارها وقراراتها.