لم يعد بعض الناس في البحرين يلتفتون إلى دعوات الاستعداد لإحياء ما جرى في فبراير 2011، والتي تعود القليل إطلاقها سنوياً، ومقارنة بالجو العام في فبراير السنوات الخمس الماضية فإن فبراير 2016 يبدو فعلاً غير، فالناس ملوا من هذا الذي يتكرر في كل عام، ولا يوصل إلى إلا المزيد من الأذى، عدا أن الصورة بالنسبة للكثيرين صارت أوضح بعد أن صاروا قادرين على ربط ما يجري هنا بما يجري من أحداث في المنطقة، وصاروا متأكدين بأنه لا يراد لهم من ذلك خيراً، وأن المقصود هو استخدامهم كأدوات يستعان بها لتحقيق أهداف شريرة.
لم يعد لفبراير تلك «الشنة والرنة» التي كانت من قبل، وكان يتم الإعداد لها بدقة، ولم يعد لهذا الشهر قيمة تذكر حتى مع «التسخين» الذي يبدأ قبله بشهر على الأقل، وباختصار لم يعد في يد من يدعو إلى الاحتفال به جديداً يقدمه، ولعل الجميع لاحظ أن أعداد المشاركين في ما يسمى مسيرات تجوب الطرقات الداخلية في بعض القرى قلت بشكل لافت.
اليوم صارت الأمور تبدو أكثر وضوحاً، هناك من يسعى إلى استغلال البسطاء لتحقيق مآربه فلا يهمه من يتضرر ولا يهمه ما يحدث من أمور سيئة في البلاد، وهناك تطورات في المنطقة تنذر بتغيرات صعبة وتعين على التفكير بشكل عملي يوصل بشكل تلقائي إلى أن كل هذا الذي لم يوصل إلى مفيد من قبل لن يوصل إلى مفيد، مهما حاول ذلك البعض ومهما فعل، وصار لدى الناس هناك ما هو أهم من هذا الذي يتكرر ولا ينتج عنه غير الأذى وتعطيل حياتهم.
اليوم لم يعد أمام أولئك الذين تعودوا استغلال شهر فبراير لتحريض البسطاء واستغلالهم سوى أن يراجعوا أنفسهم، ويروا كيف أنهم حوصروا في زاوية ضيقة لا تتيح لهم فرصة عمل أي شيء وفقدوا ثقة الكثيرين ممن علقوا عليهم الآمال وفوجئوا بضعفهم وقلة حيلتهم وبعدهم عن العمل السياسي. اليوم لم يعد الناس يثقون في أولئك الذين تعودوا التحريض والشحن في هذا الشهر، كيف يثقون في أناس رفعوا شعارات كبيرة ولم يحققوا حتى المكاسب الصغيرة؟ كيف يثقون فيهم وهم لم يتمكنوا حتى عن ردتهم وقوعهم في أيدي الأجنبي وأنهم مجرد أداة له ينفذون ما يأمرهم به؟ اليوم لم يعد الناس يقبلون من أولئك ما ظلوا يقومون به في الأعوام السابقة، فلم يعد أحد يرحب بعمليات قطع الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات ولم يعد أحد يتعاطف مع ممارسي هذا الفعل المتخلف، ولم يعد الناس ينظرون إلى هذه الأفعال وإلى محاولات الوصول إلى حيث كان «الدوار» ذات يوم على أنها بطولات، فهذه النظرة تغيرت وصار الكثيرون إن لم يكن الجميع ينظر إليها على أنها صورة من صور الضعف والهوان والهزيمة، حيث القوي لا يلجأ إلى مثل هذه الممارسات التي لا يتضرر منها سوى الناس الذين يرفعون شعارات الانتصار لهم والدفاع عن حقوقهم.
بعد كل هذا الفشل الذي كان من نصيب محرضي العامة في فبراير الأعوام السابقة وفي هذا العام أيضاً صار لا بد من أن يراجع هؤلاء أنفسهم ويتأكدوا من أن الناس ليسوا بالسذاجة التي ظلوا يفترضون وأنه ليس لديهم ما يضيعونه من وقت هم في أمس الحاجة إليه لتطوير حياتهم وبناء مستقبل أبنائهم.
زمن الشعارات ولى ولم يعد له ولها أي قيمة خصوصاً بعدما ثبت أنها لم تورث الناس سوى الغم والهم ولم يستفد منها سوى رافعيها. الناس اليوم صارت أكثر وعياً وصارت غير، لذلك فإن من الطبيعي أن يكون فبراير هذا العام أيضاً غير .