منذ بضع سنوات قلائل وبالتحديد في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي شهد منذ بدايته صراعات وحروباً أقليمية أو حروباً بالوكالة، وعواصف متجددة من الإرهاب والإرهاب المضاد، أطلق داعية السلام الكوري «مان هي لي، Man Hee Lee»، في 25 مايو 2013 إعلان السلام الذي اعتمده مؤتمر غير حكومي دعت إليه حركة «HWPL» وهي اختصار لأربع كلمات، «Heavenly World Peace of light». وكان ذلك في اليوم العالمي للسلام الذي اعتمدته الأمم المتحدة لأول مرة في تاريخ البشرية. وتضمن الاحتفال أيضاً بعض تواريخ ذات دلالة بالنسبة للسلام حيث تم توقيع إتفاق «ميندناو، Mindanao» للسلام في الفلبين، وتعهدت فيه الحكومة الفلبينية وحركة «ميندناو» الإسلامية على إنهاء حرب استمرت 40 عاماً، والتاريخ الثالث هو 18 سبتمبر، وهو يوم الاحتفال بالتحالف العالمي للأديان «World Alliance of Religions» وذلك بتوقيع اتفاق وحدة الأديان وقد تضمن الاتفاق اقتراحاً بتفعيل القانون الدولي لوقف الحروب وإقامة السلام العالمي.
بالطبع هذه الأفكار العظيمة لابد أن تتوافر لها مقومات النجاح وفي مقدمتها، أولاً، توسيع دائرة الراعين لها والمؤمنين بها عبر القارات، وثانياً، تأييد عالمي من القوى الرئيسة في العالم وفي كل إقليم لذلك، وثالثاً، استمرارية العمل المتتالي بلا انقطاع للترويج لها.
ومن هنا انطلقت الحركة من سيؤول عاصمة جمهورية كوريا الجنوبية إلى مدينة كارسون Carson في الولايات المتحدة التي أعلنت يوم 25 مايو يوم السلام في المدينة، وأصدرت شهادات اعتراف بذلك، ومنحت شخصيات عالمية المواطنة الفخرية للمدينة، كما شارك في إطلاق وثيقة «إعلان» اليوم العالمي للسلام، شخصيات سياسية ودينية ومثقفون من مختلف دول العالم، ومنهم شخصيات مصرية، مثل الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة السابق، وسعادة عمر شريف نائب رئيس المحكمة الدستورية وآخرون، ومن بينهم شخصية بحرينية، وهو السيد يوسف محمد جاسم البوزبون رئيس المؤسسة البحرينية للتسامح وتعايش الأديان ومن دول عديدة. ولنا أن نسوق مجموعة ملاحظات سريعة: الأولى، إن الحركة تعبر عن طموحات المواطن العادي في كل دولة من دول العالم بأن يعيش بسلام. والثانية، إن الحركة في بداية النشأة، ومن ثم فهي غير معروفة للكثيرين. والثالثة، إن الحركة يمكن أن تتحول إلى قوة عالمية مؤثرة إذا أمكنها ضم عناصر عديدة نشطة ومؤمنة حقيقة بالسلام بعيداً عن النفاق السياسي أو الوجاهة السياسية والثقافية. والرابعة، إن الحركة ستواجه تجاهلاً من مجمعات الصناعة العسكرية في الدول الكبرى. والخامسة، إن الحركة يمكن أن تنزوي وتضعف ما لم يساندها شخصيات ذات ثقل ومصداقية. والسادسة، إن الحركة تحتاج لدعم حقيقي من الدول الحريصة على السلام، والتي عانت من ويلات الحروب في الدول العربية والإسلامية والإفريقية والآسيوية التي هي في حاجة للسلام أكثر من غيرها، والتي تم الإساءة إليها وتشويه أديانها وعقائدها وخاصة العقيدة الإسلامية السمحاء التي دعت دائماً للسلام، والعقيدة المسيحية التي قامت على المحبة، والعقائد والأديان الأخرى جميعاً دون استثناء عدا المتطرفين والمتعصبين من مختلف الأديان ودعاة الحروب والكراهية والإقصاء. وأنا أتوجه برسالتي هذه لمراكز الأبحاث والجامعات ومراكز الفكر لإعطاء هذه الحركة مساحة من اهتماماتهم وربما الترويج لها في أنشطتهم.
* خبير في الدراسات
الاستراتيجية الدولية