السؤال المنطقي الذي لا بد من الحصول على إجابة منطقية له هو هل «المعارضة» في البحرين واحدة أم اثنتان؟ وإذا كانت واحدة فمن هي الجهة التي تمثلها؟ ومن يمثلها إذا كانت اثنتان؟ هل هي الجمعيات السياسية؟ أم هي ما يسمى بـ «ائتلاف فبراير»؟ وأولئك الذين اختاروا العيش في الخارج؟ من يتابع مواقف هؤلاء وهؤلاء وبياناتهم وتغريداتهم يلاحظ ما يكتنفها من تناقض، ففي الوقت الذي يفهم من بيانات الجمعيات السياسية أنها تدعو إلى الإصلاح أو بالأحرى إلى مزيد من الإصلاح والتهدئة وتحذر من الفتنة والطائفية يلاحظ أن من يتخذ من هذه الجمعيات موقفاً سالباً ويعتبر أنه هو صاحب الشأن يرفض الحديث عن الإصلاح ويدعو إلى ممارسة أمور يرفضها شعب البحرين.
هذا التناقض بين المنطقين ينبغي أن يحسم بوضوح وجرأة، هل الهدف من كل هذا الذي يجري منذ خمس سنوات هو تحقيق مكاسب للمواطنين بغية تطوير معيشتهم أم الهدف هو هدم كل شيء وإعادة البناء من جديد حسب هوى البعض؟ وإذا كان من السهل القول إن جمعيات سياسية مثل «المنبر التقدمي» والعمل الديمقراطي «وعد» و»التجمع القومي» يسعون إلى الإصلاح وتحقيق المطالب الوطنية التي تصب في مصلحة المواطن ومعيشته فإن جمعيات سياسية أخرى مثل «الوفاق» يبدو موقفها متناقضاً، فهي في جانب تبدو مع تلك الجمعيات وما ترمي إليه وفي جانب آخر تبدو أنها مع تلك الحركات التي تنادي بتلك الأمور، بدليل أنها تكرر كثيراً مما يقوله «ائتلاف فبراير»، وهو ما يعبر عنه بوضوح عناصرها الذين يشاركون في برامج الفضائيات «السوسة» يومياً.
مهم جداً أن توضح جمعية «الوفاق» موقفها فتعلن أنها مع الإصلاح أم مع إسقاط النظام؟ فهذا على الأقل سيضمن لها الوضوح من الجانبين، الجانب الذي هي معه، والجانب الآخر الذي يكون قد صار على معرفة بأنها ليست معه، هي الآن تضع رجلاً هنا والأخرى هناك، وهذا لا يليق بجمعية سياسية تطرح نفسها كقيادية.
أما أولئك الذين يقيمون في الخارج فموقفهم معلن وواضح وهدفهم أوضح وهم مستمرون في تكرار نفس العبارات والشعارات التي كانوا يرددونها ويرفعونها أيام الدوار. هنا يبدو السؤال أكثر وضوحاً، هل الجمعيات السياسية هي المعارضة؟ أم أولئك الذين «يلعلعون» من الخارج بمناسبة ومن دون مناسبة وينادون بما ينادون به ويمثلهم في الداخل وينفذ خططهم ما يسمى بـ «ائتلاف فبراير»؟ هل «الوفاق» مع الجمعيات السياسية أم مع «ائتلاف فبراير» وأولئك المقيمين في الخارج؟
هذه الأسئلة تجر وراءها أسئلة أخرى أبرزها لماذا لا تعلن الجمعيات السياسية موقفها من «ائتلاف فبراير» وأولئك الذين يحرضون من الخارج بوضوح؟ إذا كانت لا توافق على ما يطرحونه فلماذا تصمت؟ ولماذا تناور؟
وجود معارضتين يؤثر سلباً على «المعارضة» فتضيع هذه وتضيع تلك وقد تصلان بعد قليل إلى مرحلة المواجهة فيما بينهما، وهذا وذاك يحرمان الحكومة من التفاهم مع المعارضة الطبيعية التي يفترض أن تلعب دوراً وطنياً وتكون مكملة للمؤسسات السياسية في البلاد، كما إن وجود من ينادي بإسقاط النظام يعطي النظام الحق في حماية نفسه والتعامل معه.
مناسبة فبراير ينبغي أن تكون فرصة لجمعية «الوفاق» تحديداً لحسم موقفها والتأكيد على انتمائها إلى أي المعارضتين، وهي فرصة للجمعيات السياسية لتحديد موقفها من «ائتلاف فبراير» ومن أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج وينادون بذلك الأمر ومستمرون في التحريض ولا يؤمنون بالإصلاح.
اليوم وبعد مرور خمس سنوات على ما حدث في 2011 ينبغي أن تكون الأمور أكثر وضوحاً، فالمسألة التي يطرحها ذلك البعض مستحيلة التحقق بينما الإصلاح ينشده الجميع.