ما كنت أبتغي طرق باب الحديث عن مجلس النواب، وحتى حين درء النقاش مؤخراً حول الاستجوابات الأخيرة، وامتعض المواطنون من أداء بعض النواب واستشاط غضبهم، آثرت الصمت وغض الكلام وتأجيل الكتابة في الموضوع، ثقة وائتماناً في رئيس المجلس الأخ أحمد الملا، وتقديراً وتثميناً لبعض الأخوه النواب، في مقدمتهم النائب الثاني الشيخ عبدالحليم مراد.
لكن «الماي زاد على الطحين»، لذا بات الحديث لزوماً وضرورة، ليس من باب التشخيص والتجريح، بل من باب النصيحة للمجلس حتى لا يتسرب للشارع اليأس، ثم تكون الفتنة، وتتفرق الكلمة، وتتشتت الجماعة، وليس غرضنا ا?شخاص، بقدر ما هو الأداء، لذلك نرجو أن تتسع قلوبكم للنقد البناء، وتسمعوا ما نقوله بمسامع أفئدتكم، حين تكشفون عنها الغطاء، وتزيلون عنها الوقر والوكاء.
رباط الحديث وقيطان الكلام، هي شكوى مجلس الشورى من شح التشريعات التي تحال إلى المجلس من المجلس المنتخب، والتي اضطرت الشوريين في جلسة الأحد الماضي لمعاودة نقاشهم لمراسيم وقوانين سبق للمجلس أن ناقشها وأعادها للجنة الشؤون التشريعية والقانونية لمزيد من الدراسة.
ما حدث الأحد الماضي، سبقه نداء وجهه رئيس مجلس الشورى علي بن صالح الصالح إلى نواب الشعب، دعاهم فيه إلى التسريع بتحويل التشريعات التي تم الانتهاء من مناقشتها من مجلس النواب، وذلك لقلة المواضيع والقوانين التي ترد إلى مجلس الشورى، مما يعني غياب في آلية تشريع القوانين والذي جعل أكثر التشريعات القانونية معطلة.
بدورها شكت الشورية دلال الزايد – بامتعاض – من العطال المتسبب فيه المجلس المنتخب، داعية نواب الشعب، باستهجان، لصلاة استسقاء لمشاريع القوانين العالقة في أروقة أدراج المجلس.
ليس عندي أدنى شك في أن هناك خطاً مقطوعاً بين المجلس المعين والمجلس المنتخب، بجانب الخط المقطوع بين المجلس المنتخب والشعب، وللأسف حالات القطيعة بالنسبة لمجلس الشعب تزداد يوماً بعد يوم، مما تنذر بوقائع وواقع لا يبشر بخير، ويخطئ كثيراً من يتصور أن إضعاف المجلس المنتخب سيخدم الوطن.
ولا أدري، كمواطنين وناخبين، قبل أن نكون متابعين ومراقبين، وضعنا ثقتنا في أعضاء المجلس المنتخب، هل سيكون مجدياً أن نذكركم يا سادة بالقسم الذي أقسمتموه بالله العظيم أن ترعوا مصالح الشعب، باعتباركم مؤتمنين على مصالح المواطنين؟
بالطبع نعم، فالذكرى لا تنفع إلا المؤمنين، وبأن «آية المنافق ثلاثٌ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان»، أما «البعض» ممن دخلوا المجلس للـ «show» و«الرزة» و«الفشار» والبشت وسفرات الاستجمام، فلو قرأت عليهم القرآن كله – صباح مساء – فلن تجدي نتيجة مرجوة منهم.
«أحباب قلبي»..
خذوها مني نصيحة لوجه الله، كثيرون من كارهيكم وكارهي هذا الوطن، ينتظرون فشلكم ويتمنون لهذا البرلمان أن يموت، وهي حكاية ودرس وتجربة مريرة مازلنا نعيشها منذ انقلاب 2011، ولكن للأسف لم يتعظ من سبقوكم من هذا الدرس، وحين جاء الدور عليكم رجونا الله رجاء أجدادنا الأثير في النوائب والملمات، أن تتعلموا من أخطائهم وألا يخيب ظننا فيكم، ولكن وقعتم في نفس الشرك، بل أضل سبيلا.
«أحباب قلبي»..
لم يبق بعد هذه السطور الحزينة إلا أن أذكركم يا ناس يا هوه يا خلق يا عالم يا بشر: «في أوروبا والدول المتقدمة»، برلمان قوي، يعني مجتمعاً واعياً وهدفاً صحيحاً.. يعني قوانين وتشريعات ودوراً فعالاً في الرقابة.. يعني حكومة قوية.. يعني وطناً قوياً.. يعني نجاحاً كبيراً للمشروع الإصلاحي..
افهموها يرحمنا ويرحمكم الله..