نعيش حالياً في مملكة البحرين وضعاً «مختلفاً»، ومن يراقب ويلاحظ ما يجري في مملكة البحرين سيرى أن البعض «ساخط» و«غير راض» عن كل ما يدور حوله.
وعن نفسي لا أجد غرابة في هذا الوضع، فلا يوجد شيء أسوأ من أن يعيش المواطن في وضع غير ملائم، دون أن تكون الأسباب واضحة بالنسبة له!! وأن تتعرض مكتسبات المواطن للمساس دون أن يعرف الأسباب الكامنة وراء هذا الشيء. وما أسوأ من أن نعيش عالماً من «التناقضات» بين التقشف والإنفاق. ولكن، ورغم كل مؤشرات القياس التي تكشف عن حالة من «الإحباط» و«السخط» التي تسود المجتمع البحريني إلا أننا يجب أن نكون شركاء فعليين فيما يحدث لأننا شئنا أم أبينا جزء أصيل من الدولة.
تحدثت في مقالاتي السابقة عن أننا كنا نعيش في دولة «رعوية» بمعنى أن الدولة كانت مسؤولة عن توفير كل الأمور في حياتنا، من سكن وتعليم وصحة وترفيه، وعشنا على هذا الوضع سنين عديدة، حتى فقدنا «الطموح» و«التنافسية»، فالدولة كانت مسؤولة مسؤولية تامة عن أن توفر للبحريني السكن الملائم، ويجب أن توفر له الدولة التعليم المناسب، ويجب على الدولة رغماً عنها أن توفر له العمل المناسب، والعديد من الأمور حتى أصبح المواطن البحريني «كالرعية»، التي تنتظر من الراعي أن يهتم ويدير شؤونها. وبسبب التغيرات التي حدثت في المنطقة وتغير العديد من المعطيات صار من الصعب على الدولة أن تتحمل ما كانت تتحمله سابقاً، وهنا ستخرج لي أصوات «ناقمة» وستقول «لماذا لا يطول التقشف كل مناحي الدولة؟ لماذا هناك احتفالات، ومعارض، ومصاريف غير مبررة؟».
لا أستغرب من هذه الأسئلة بتاتاً لأني «أحياناً» أتفوه بها، ولكني أستغرب ممن يحاولون إثارة الرأي العام البحريني بهذه الأسئلة، ويحاولون أن يحولوا «التساؤلات المشروعة» إلى «تنظيم ثائر ساخط».
من أسهل ا

لأمور في الحياة هي إثارة البلبلة والفتنة، ومن أصعبها أن تحافظ على وطنك وأن تكون شريكاً فاعلاً فيه.
أين هؤلاء المثيرون للفتنة من خبر كالذي نشر الأسبوع الماضي من استقبال مملكة البحرين 4 شركات عالمية برأس مال يفوق 32 مليار دولار!! أين هم من أن ينشروا هذا الخبر ويغردوا به؟! طبعاً سيخرج لي عدد من «الساخطين» ويقول، «وما شأن المواطن بهذه الشركات العالمية؟!». وهنا سأقول إن للمواطن شأناً كبيراً فهذه الشركات العالمية سوف تفتح باب التوظيف لأبناء البحرين، هذه الشركات ستزيد من الدخل القومي للبحرين وسينعكس ذلك على مستوى الخدمات التي ستقدمها الدولة. إن قدوم هذه الشركات إلى مملكة البحرين يجعلنا نقول لكل العالم إن البحرين «بخير». أفلا تستحق منا الدولة أن نقف معها ونساندها؟، وهنا لا أقصد بتاتاً أن كل ما تقوم به الدولة ومجلسها النيابي صحيح! بل أقصد أننا لا نملك خياراً آخر سوى «الالتفاف» حول الدولة لكي لا تتفكك أوطاننا أو يعم بها الخراب.
فلنعتبر من المشاهدات اليومية التي نراها لمهجرين ومواطنين يعيشون أوضاع مأساوية بعد أن ضاعت أوطانهم، فلنتلاحم ولنتعاضد لتكون دولنا عصية على أي أحد يريد الدمار لها، وهذا لن يحدث إلى إذا قوينا الجبهة الداخلية.
فإذا كان هناك مرفق لا يعجبك في بيتك، فمن غير المنطقي أن تحرق البيت بأكمله بحجة الإصلاح، إن الاصلاح لا يأتي إلا بالرأي والنصح المبني على النقد البناء، فلا نريد من أحد أن يذكرنا بمشاكلنا بل نريد أشخاصاً يمنحوننا أفكاراً تجعل وطننا ينهض ويتقدم، لا نريد أن نكون جزءاً من المشكلة بل نريد أن نكون جزءاً من الحل والإصلاح، وهذا لن يحدث إلا إذا اتحدنا والتففنا حول قياداتنا وأوطاننا.