يومان فقط يفصلان بين أولئك وبين تأكدهم من أن الناس قد انفضوا من حولهم وأنهم لم يعودوا يستجيبون لا لدعوات اعتصام ولا لعصيان كالذي ظلوا يدعون إليه طويلاً، كي ينفذ في هذه الأيام التي يسعون إلى الاستفادة من ذكرى ما حدث في فبراير 2011، ليواصلوا فيها عملية الشحن والتحريض التي اعتادوها كي يشعروا أنفسهم بأنهم لم يهزموا بعد.
المثير أن أولئك لايزالون يعتقدون أن الناس الذين استجابوا لهم من قبل لايزالون مستجيبين لهم، وأنهم إنما ينتظرون من يحركهم ويحمسهم كي يواصلوا في نفس الطريق حتى يصلوا إلى «اليوم الموعود».
هذا يؤكد أنهم دون القدرة على استيعاب التطورات التي حدثت وفهم ما يدور في الواقع، فالأمور لم تعد كما كانت، والأحوال تغيرت، والناس ملوا من هذا الذي يتكرر ولا ينتج مفيداً، وعرفوا بما لا يدع مجالاً للشك بأنهم سلموا رقابهم ذات يوم لمن لا يمتلك الخبرة ولا الدراية ولا يعرف ما الذي يفعله فكادوا يضيعون وينتهي أمرهم.
في الأيام الثلاثة المقبلة والتي توعد فيها أولئك بما توعدوا به مسنودين بدعم الفضائيات «السوسة» التي بذلت على مدى أكثر من شهر جهوداً كبيرة وحثيثة سيتبين حجم الهزيمة التي منوا بها وكيف أن الناس الذين وثقوا فيهم سحبوا ثقتهم منهم، وعادوا إلى جادة الصواب. الأيام الثلاثة المقبلة لن يحدث فيها مثلما حدث في مثيلاتها من الأعوام السابقة، وإن حدث فإن هذا يعني أن لوثة قد أصابت العقول وجعلتها ترتكب الخطأ نفسه، وهذا أمر غير ممكن منطقاً بعد كل هذا الذي عاناه الناس والتخبط الذي شاهدوه من قبل أولئك.
أياً كان الاسم الذي اتخذوه لذلك العصيان الذي يدعون إليه لن يجد الاستجابة التي يتوقعونها، ولن يحققوا منه أي مكسب، بل على العكس، فما سيجدونه سيؤكد لهم أن البساط قد سحب من تحت أرجلهم، وأنهم لم يعودوا بالقيمة التي روجوا لأنفسهم بين العامة على أساسها في وقت سابق.
انتباه الناس لهذا الذي حدث ولايزال يحدث لهم وتبينهم بعد كل هذا الذي جرى أن المتضرر قبلهم هو وطنهم الذي يحتويهم والذي هو مستقبلهم ومستقبل عيالهم هو الذي جعلهم يتخذون من أولئك موقفاً ويرفضون ما يدعونهم إليه، فالأمور كلها صارت مكشوفة، ولم يعد أولئك يستطيعون الاستمرار في عملية غسل الأدمغة وتزيين الطريق للغالبية.
نعم هناك من سيظل «مقصوصاً عليه» وسيستجيب لتلك النداءات الداعية للمشاركة فيما يزعمون أنه «عصياناً»، لكنهم قليلون جداً وغير مؤثرين وليسوا قادرين على فعل شيء يوصل إلى ما وعدوهم ووعدوا الناس به.
اليوم لم يعد أمام أولئك وهم بعض قليل سوى أن يعترفوا بالهزيمة وأن يدركوا أنهم مجرد أداة تم استغلالها ببراعة من قبل من يريد بهذا الوطن سوءاً، واليوم لم يعد أمامهم سوى أن يغيروا من طريقة تفكيرهم وأن يدعوا كل من تضرر بسببهم إلى الصفح عنهم ويعتذروا للوطن الذي تسببوا له في الكثير من الآلام وعرضوه للكثير من المخاطر والمحن.
الأيام الثلاثة المقبلة محك مهم سيتأكد فيها العالم أن الناس قد انفضوا عن أولئك وأنهم لم يعودوا كما كانوا في ذلك العام الذي لايزال أولئك يستغلون اسمه وما حدث فيه أملاً في الاستمرار والإحساس على الأقل بأنهم لايزالون يتنفسون ولم يهزموا.
هذه المرة لن يشارك المنتمون إلى الجمعيات السياسية بما فيها ربما جمعية «الوفاق» في الفوضى التي يدعون إليها، ولن يشارك فيها الكثيرون الذين صاروا يرون الأمور بشكل أوضح وعرفوا الحقيقة أو الجزء الأكبر منها. الأيام الثلاثة المقبلة ستكون بداية النهاية لذلك البعض القليل.