وظف قليلون خلال الأيام القليلة الماضية على وجه الخصوص كل قدراتهم لتشويه سمعة البحرين، هذا البعض القليل لم يترك كلمة سيئة عن هذا الوطن الجميل إلا وقالها عبر مختلف وسائل الإعلام وخصوصاً الفضائيات «السوسة» التي تفرغت للمشاركة في هذه المهمة وحرصت على عدم تفويت هذه الفرصة. ولا شك في أن كل من سمع ذلك وهو يعرف البحرين جيداً فوجئ بما سمع وقرر على الفور أن أمراً ما قد دبر بليل وأن من قام بترويج كل ذلك إنما أراد الإساءة إلى هذا البلد.
لا يمكن للعالم أن يصدق ما هو بعيد عن الواقع والحقيقة، حيث العالم ليس بالجهل الذي يتوقعه ذلك البعض. حتى من لا يعرف شيئاً عن البحرين، يتلقى المعلومات ويجتهد في التأكد من صحتها، وهو في الغالب يتبين له مقدار عدم واقعيتها وبعدها عن الحقيقة وامتلائها بالمبالغات، فلو كان ما زعم عن البحرين في الأيام القليلة الماضية صحيحاً فهذا يعني أن على دول العالم أن تضغط لإخراجها من الأمم المتحدة.
لم يقل أحد إن البحرين بلد مثالي، فلا يوجد بلد في العالم كله بهذه الصفة التي لا تتوفر إلا في العقول الرومانسية. أيضاً لم يقل أحد انه لا توجد أخطاء، فلا توجد دولة في العالم كله خالية من الأخطاء، لكن الخطأ لا يتم إصلاحه بالصراخ ونشر الإشاعات والأقاويل والاستعانة بالأجنبي وتعمد الإساءة إلى الوطن، وإنما يكون بالمساعدة في إصلاحه، حيث إصلاح الخطأ والخلل واجب وطني، ولكن له طرقه وأبوابه.
نعم، في الأيام القليلة الماضية خرجت مسيرات عبر المشاركون فيها عن عدم رضاهم عن أمر معين، أو شاركوا لإحياء ذكرى يعتقدون أن من المهم بالنسبة لهم أن يحيوها، لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الأخبار التي حرص صائغوها على تضمينها كلمات وعبارات من قبيل «خروج مسيرات حاشدة»، و«مظاهرات ضخمة»، لم تكن صحيحة، ذلك أن جل تلك المسيرات كانت «قليلة العدد»، حتى أن بعضها بدا وكأن المشاركين فيها كانوا يسيرون ضمن برنامج لتخفيف الوزن!
أما مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان فهي كثيرة، لكنها في الحقيقة تفتقد الدقة، ويصعب تصديقها بالشكل الذي تروى به، والسبب هو أن المعنيين بمتابعة ملف حقوق الإنسان انحرفوا عن دورهم الرقابي، وتحولوا إلى سياسيين، ومعروف أن المراقب لحقوق الإنسان يفقد مصداقيته فور تحوله إلى ناشط سياسي، لأنه هنا يخلط بين دوره الرقابي ومواقفه السياسية، ومن ثم يسهل اتهامه بالمبالغة في وصف تلك القصص، خاصة أنه لا يعتبر الآخرين من الذين يصنفهم في الجانب الآخر إنسانا عليه أن يدافع عنه أيضا إذا انتهكت حقوقه.
الدخول في التفاصيل ليست في صالح مروجي الإشاعات عن البحرين، والسبب هو أنه لا يوجد لديهم الأدلة الكافية والمقنعة على ما يرددونه، ويسهل الرد على مزاعمهم، وكما أنه يصعب الأخذ بأقوال الحقوقي الذي يمارس العمل السياسي وينشط في هذا المجال، كذلك فإنه يصعب الأخذ بأقوال المشاركين في الندوات التي تعقد في مثل هذه المناسبات خارج البحرين إن لم ترفد بأدلة مقنعة، وهو ما لا يستطيعون عادة توفيره.
لسنا دولة مثالية، ولا تخلو بلادنا من الأخطاء، لكن ما يتم ترويجه من مزاعم عن البحرين غير واقعي وغير حقيقي ومليء بالمبالغات ويراد منه خدمة جهات معينة لتحقيق أهداف لم تعد خافية على أحد.
الحصول على الحقوق ليس طريقه هذا الذي تم سلكه من قبل البعض، فلا يمكن لحكم تسعى لتشويه سمعته ولا تتردد عن المبالغة في ذلك أن يوفر حتى ولو دقائق معدودة ليسمعك.