آخر ما يحتاجه «استقرار البحرين الأمني هو إرباك يحدثه حل مجلس النواب الآن، فخيار «الحل» هو كالكي يعد آخر وسيلة يلجأ إليها الطبيب لمعالجة مرض استفحل ولم يعد له علاج آخر.
رغم أن الحل أداة دستورية لا غبار عليها، فإن الظرف والتوقيت لا يسمحان أن تشكو البحرين من أن مجلسها النيابي مريض ولا علاج له إلا بالحل، ولا يسمح أن ترهق المجتمع البحريني والأجهزة الأمنية بأجواء إعادة لانتخابات جديدة في وضع أنت أحوج ما تكون فيه للهدوء والاستقرار، فذلك باب للفوضى ومجازفة بالأمن ليس هذا وقته بتاتاً. الأولويات تستدعي معالجة المرض لا بتر العضو، إنما الظاهر هناك من داخل المجلس من يقلص الخيارات، وكأنه يريد «حل» المجلس، هل يعلم؟ هل لا يعلم وهناك من يستغل جهله؟ لا ندري.
هناك مثل بحريني معروف يقول: «إذا طبع دوس على تريجة» أي إذا رأيت المركب غارقاً ولا أمل في إنقاذه فدس على الجزء المرتفع من مقدمته ويسمى «التريج».
أخبار مجلس النواب التي تتوالى في الصحافة تقود إلى نتيجة تتسارع في الظهور، النتيجة تقودك إلى قناعة أن هذا المجلس خطر وهذا المجلس متخبط وهذا المجلس متدني المستوى، ويبدو أن هناك من يدوس على تريج مجلس النواب لدفعه للغرق، فهل هو ضياع بوصلة لا إرادي عند الأعضاء؟ هل هو غياب قيادة لا إرادي؟ هل مركبهم سماري فتح شراعه وتركه للريح كي تسيره على هواها؟ حقيقة لا أحد يدري إنما الواضح أن «الانشغال» بأي أمر، عدا المهام الرئيسية للمجلس هو السمة الغالبة عليه، الانشغال بأي عمل عدا تفعيل الأدوات الرقابية هو المسار الذي نرى المجلس يسير إليه برتم متسارع، وكأن هناك من يدفع النواب إلى إغراق مركبهم.
أخبار المجلس النيابي أصبحت عبارة عن «هوشات» «فضائح» «اتهامات» «بلاغات للنيابة العامة»..
المجلس يشكو بعض المواطنين، المجلس يشكو بعض أعضائه بعضاً، بعضي يمزق بعضي، المجلس يتهم مجلس الشورى، المجلس انقسم فريقين فريق مع الرئيس وفريق ضد الرئيس، من بقي؟ وماذا بقي من مصلحة عامة ومن حد أدنى من الأولويات؟ هل تقرأ عن لجنة تحقيق؟ هل تقرأ عن استجواب؟ هل تقرأ عن سؤال نافع؟
لا أحد حريصاً على البحرين يظن أن حل المجلس في وقت كهذا الوقت حيث المخاطر والتهديدات الإقليمية على أشدها، حيث رفع العقوبات وخسارة إيران في اليمن، وتصاعد خسائرها في سوريا، يصلح أن تفتح البحرين ثغرة للإرباك في وقت تخوض فيها قواتها حرب اليمن ومناورات رعد الشمال، حيث الضغط المتوالي على البحرين من القوى الناعمة داخل البحرين وخارجها وحيث تسليط الضوء على ملف حقوق الإنسان في أوروبا، وحيث الوفاق تتحين الفرصة للدخول ومساندة المجموعة التي تعمل خارج البحرين بحراك داخل المجلس لنعود للدخول في متاهة الانقسام الطائفي داخل المجلس من جديد.
إنما أصبح افتعال «الهوشات» مسألة ملحوظة، والطعن في الأعضاء بعضهم لبعض أصبح حراكاً متسارعاً إلى درجة لا يمكن أن يكون طبيعياً، من الذي يدوس على التريج؟ هل هناك من يدفع إلى التصعيد لزيادة سرعة التدهور، إذ إن درجة الانحدار بعد اتهامات المجلس النيابي لغرفة الشورى على صفحات الجرائد أصبحت حادة جداً، فهل يدرك المجلس معنى ومغزى هذه الاتهامات؟ وهل الصحافة مجال معالجتها؟ فعلاً أصبحت سرعة الغرق خارج نطاق السيطرة، فهل هناك من يسعى لحل هذا المجلس قبل أوانه؟ هل هناك من يعتقد أو يظن أن الخيار الأفضل للبحرين هو حل المجلس وإجراء انتخابات جديدة الآن؟ سؤال نطرحه للجميع داخل وخارج المجلس؟