اعتبار إغلاق أصحاب محال تجارية في بعض القرى محالهم لبعض الوقت بداية الأسبوع الجاري معياراً لنجاح ما أسموه بالعصيان وأن ذلك قد تم استجابة لتلك الدعوة أمر يدعو للسخرية، ذلك أن أحداً من أصحاب تلك المحال لا يجرؤ على فتح محله في الأوقات التي تم تحديدها لأنه يعرف جيداً أنها ستتعرض للحرق أو النهب وأنه وعياله لن يسلموا من أذى من زعموا أنفسهم «ثواراً». لولا الخشية من ذلك لما قام أحد بإغلاق محله وسد باب رزقه بيده. هو الخوف والقبول بأهون الضررين ليس إلا. يخسر مالاً، ولا يخسر حياته أو حياة عزيز عليه. هذا هو باختصار ما حدث في الأيام الثلاثة التي ضايقوا فيها الناس وسعوا إلى التحكم في أرزاقهم بإجبارهم على الانضواء تحت عنوان لا يؤمنون به.
هذا الأمر حدث أيضاً في بعض السنوات الأخيرة وهو مسيء إلى من رفع راية الدفاع عن الناس وحقوقهم، لأن هذا باختصار فيه إساءة للناس ولحقوقهم ويعبر عن فكر متخلف يتحكم في ذلك البعض الذي يعتقد أنه بما يتيسر له من صور يلتقطها في بعض القرى وخصوصاً في أول النهار تظهر المحلات التجارية وهي مغلقة يمكن أن يوهم العالم بأن ما يقوم به له سند شعبي وأن ما يجري في البحرين «ثورة شعبية».
إغلاق محلات تجارية حدث غصباً عن أصحابها، ولو تم تخيير أصحابها أو شعروا بالأمان لما أغلقوها ولو لساعة واحدة، لكنهم مكرهون، ويعرفون الذي ينتظرهم لو أنهم لم يستجيبوا وغامروا وفتحوا محلاتهم، فمثل هذا الأمر حدث في السنوات السابقة وتضرر البعض بسبب شجاعته أو قراره الوقوف في وجه هذا النوع من الظلم والاعتداء على الأرزاق.
هناك اعتداء من نوع آخر مارسه ذلك البعض، هو إغلاق المنافذ في بعض القرى كي يمنعوا سكانها من الخروج إلى أعمالهم أو الوصول إليها متأخرين بغية القول إن ما دعوا إليه قد نجح وأن أعداد الطلبة الذين التحقوا بمدارسهم في ذلك اليوم كان قليلاً أو صفراً.
كل من يسمع بهذه الطرق المجبرة لمن لا علاقة له بما يجري ولا يؤمن بهذا الذي يقوم به ذلك البعض القليل الذي زين له الشيطان أعماله فجاد عن الصواب يتبين له ما يعاني منه ذلك البعض، فمن يقول إنه يسعى للانتصار للناس ومساعدتهم على نيل حقوقهم لا يقوم بإجبارهم على فعل ما لا يحبون القيام به لأن في هذا اعتداء صريح عليهم لا يوافق عليه الشرع الإسلامي.
المثير هو أن أحداً من رجال الدين المحسوبين على ذلك البعض لم يدل حتى ولو بتصريح صغير يبين فيه أن ما جرى يعتبر اعتداء على الناس وتضييقاً على أرزاقهم لا يقبل به الشرع، فحتى هؤلاء استكثروا على أنفسهم الإدلاء بمثل هذا التصريح البسيط واتخاذ موقف واضح، والسبب هو إما أنهم شركاء مع ذلك البعض أو متعاطفون معه أو خائفون من أذاه، والتجربة أثبتت أنه حتى رجال الدين الذين يتمتعون بمكانة اجتماعية كبيرة خصوصاً في القرى يتم مقاطعتهم لو أنهم تجرؤوا وقالوا كلمة حق عن هذه التجاوزات التي يقوم بها ذلك البعض مسنوداً بقوى من الخارج باتت معروفة وبإعلام «سوسي» تقوده فضائية «العالم» الإيرانية، التي سعت في الأيام الأخيرة بغية القول إن ما قام به البعض قد نجح.
ما لم ينتبه له ذلك البعض ومن يسانده أن كل ما قاموا به من أعمال في الأيام موضوع الحديث أساء إليهم وأخسرهم، فمن يسعى إلى الانتصار للناس - حسب قولهم – لا يحقق ذلك بالانتصار عليهم. الاستجابة المحدودة لدعوات ذلك البعض كانت تعبيراً عن الخوف ومنعاً للأذى.