يذكر عن توم واطسون أحد رؤساء شركة «أي بي إم» وقادتها البارزين أنه ذات مرة، ارتكب أحد المديرين التنفيذيين الشباب خطأً كبيراً كلف الشركة نحو 10 ملايين دولار، وتم استدعاء المدير الشاب إلى مكتب توم واطسون، وخاطبه قائلاً: «أنت تعرف سبب استدعائك»، نظر المدير الشاب إلى رئيسه قائلاً: «أعتقد أنك تريد مني تقديم استقالتي، أو فصلي من العمل ؟! عندها نظر إليه توم واطسون، وقال له: «بالطبع»..... وتوقف برهه كانت كافية لتجمد عروق المدير التنفيذي الشاب، وليرى أحلامه تنهار وسمعته كمدير تنفيذي تتحطم. تابع توم: «لا يمكن للشركة أن تستغني عنك، لقد أنفقنا للتو 10 ملايين دولار على تدريبك ولن أدع هذا الاستثمار ليستفيد منه منافسيني!!
تشير الدراسات الحديثة في مجال تطوير المنظمات إلى خلل كبير في قدرة هذه المنظمات على تحقيق الانتماء الوظيفي لدى العاملين لديها، مما يتسبب في خسائر سنوية كبيره لقطاع الأعمال فمثلاً قدرت متوسط خسائر قطاع الأعمال الأمريكي بـ 370 مليار دولار سنوياً، بسبب ضعف الانتماء لدى 65 % من العاملين.
ويعود ذلك بشكل حاسم إلى عدم تطور مفهوم «إدارة الولاء الوظيفي»، وضعف الروح القيادية لدى المدراء وهي إن وجدت لدى بعض المؤسسات المتميزة برؤسائها فذلك لأن مدرائها يمارسون «إدارة الولاء» ضمن سماتهم القيادية، وليس كمفهوم إداري وخطط إدارية وبرامج ونظم وممارسات ترسخ هذا المفهوم.
دعونا نعود إلى واقعنا الإداري في القطاع الحكومي والخاص في الخليج العربي والوطن العربي، عندما نشرت الحادثة المذكورة أعلاه في بعض المواقع والمدونات العربية كانت الردود كالتالي:
* بالنسبة لي لو كنت في مكان رئيس الشركة لا أعتقد أنني سأتصرف مثله، وأبقي على الموظف بالرغم من أني أؤمن أن كل إنسان يستحق فرصة ثانية وثالثة أيضاً.
* أعتقد أن هنالك مخاطرة بالإبقاء على المدير فأنا لا أدري إذا كانت هذه الخسارة تهمه أم لا، وهل سوف يستفيد من الفرصة المعطاة له؟ أم يجر الشركة إلى خسارة أخرى؟
* هل يستحق هذا المدير الذي أضاع على الشركة 10 ملايين دولار فرصة ثانية؟!! طبعاً لن أعطيه فرصة ثانية، وفي نفس الوقت لن أفصله، سأتركه بمكانه لكي يجمع 20 مليون دولار عوض الـ 10 التي أضاعها…!
* عندما تكون في منصب إداري غلطة الشاطر بألف لذلك يجب أن يفصل لكي لا يؤدي ذلك إلى تسيب وخسائر أكثر.
* الانضباط بالخطة أمر في غاية الأهمية، فإذا كان الخطأ ناتجاً عن التنفيذ أو الخروج عنها يجب أن ينال عقاباً ما، أما إذا كان نتيجة الخطة فمن ملكات المدير التنفيذي البارع المسؤول أن يتنبأ بالخطأ أو الهوة ويتحايدها.
* عموما تصرف هذا الرئيس يتطلب شجاعة وجرأة وحكمة، وأعتقد أنه متأكد جيداً من قراره ومن قدرة مرؤوسه على النهوض مرة أخرى، وإلا لما كان أقدم على هذه الخطوة.
سأترككم مع التعليقات أعلاه ومع هذا السؤال، كم حجم خسائرنا في الإدارة العربية نتيجة لضعف الولاء الوظيفي وانعدام مفهوم «إدارة الولاء»؟
* ملاحظه هامة:
سيكون هذا العمود مخصص لتناول تجارب وقضايا وموضوعات التنمية البشرية والأعمال والإدارة، فإذا كانت لديكم تجارب أو آراء، أرجو ألا تترددوا في المشاركة فيها على البريد الإلكتروني:
[email protected]