لم يتخيل البلهاء أن غضب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود سينفجر فجأة، ويكون لانفجاره دوي عظيم، سيشعل النار في وجه كل معتد أثيم، عتل زنيم، وسيزلزل الأرض تحت أقدام الطغاة، وسيدهش العالم كله، وسيثبت حقيقة أن أرض الحرمين، منها خرج الإسلام، ومنها سيخرج من ينصر الإسلام، لم يكن انفجاراً، بل «عاصفة حزم».
ما يحدث، ليس بالأمر العادي، على الأقل بالنسبة لي، فمن هم في مثل عمري عاشوا توقون - طوال عمرهم - بصدق وحرقة، إلى قائد ملهم كالعاهل السعودي يملك نفساً قومياً حقيقياً، يقود الأمة العربية والإسلامية، فقد كان حلم جيلي بأكمله وحتى الذين خلفوهم.
فسلام عليك يا «أبا فهد»، حامي شرع الله تعالى والبيت الأمين، نصوغ لك حروفاً بعفوية، متيم عاشق لا يميز ما يقول، ولو كان «لسان الدين بن الخطيب»، يعيش في أيامنا هذه لأزاح عنا عبء الكلام وغير في قصيدته الرائعة، وقال:
يا زمان «سلمان الحزم»..
«جادك الغيث إذا الغيث همى»..
إذا كنت تؤيدني عزيزي القارئ المحترم فيما أقول، فيجب أن تؤيدني أيضاً أن زمن الاستسلام والضعف والخنوع والخضوع انتهى، وأننا يجب ألا نخاف لا من إيران ولا «اللي جابوا» وتحالفوا مع إيران على حساب أمننا واستقرارنا كشعوب خليجية، ما دمنا امتلكنا القدرة على المواجهة وإحداث التغيير، وفى كل الحالات عليك أن تفرح لأن قياداتنا أصبحت تصنع القرار الاستراتيجي – السياسي للمنطقة بعيداً عن الإرادة السياسية الأمريكية، بمعني أوضح، لم نعد نستأجر الأمريكيين لخوض حربنا بالوكالة.
الشيء الملفت أننا كشعوب خليجية وحتى العربية منا، أصبحنا نتعاطى مع التغيير الذي تحدثه السعودية على خارطة موازين القوى في الشرق الأوسط، بشيء من المفخرة والملحمة والشموخ، وبدأنا نسخر أحرفنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي للإشادة والإعجاب بكل التصريحات الصادرة من السعودي، وخصوصاً تلك الصادرة من وزير الخارجية عادل الجبير.
بالتأكيد، القائد الناجح دائماً ما يحتاج إلى مساعدين أقوياء، والمساعد القوي يستمد قوته من قوة قيادته، وبلا أدني شك فإن «سلمان الحزم» كان بحاجة إلى وزير من نوعية الجبير، خبير بعش الدبابير وفخاخ الأفاعي الدبلوماسية وحقول الألغام السياسية، بجانب «كاريزما» خاصة، قادرة على الجمع بين المتناقضات، مثل الحزم والدهاء، والمناورة في أصعب الظروف، والعمل في ظل الضغط الشديد، وأتصور أن تلك المواصفات، هي من ساهمت في نجاح الجبير كوزير خارجية، رغم حداثة عهده بالمنصب، وجعلت منه الرقم الأبرز والهام في المعادلة الدبلوماسية السعودية، تحديداً في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر به العالم والتحديات التي تحدق بالمنطقة.
تجلى ذلك، في رده العظيم «في مؤتمر ميونيخ للأمن» على صحافي اتهم الإسلام بتنظيم «داعش» الإرهابي، قال الجبير بحصافة حضوره الاستثنائي ودهاؤه السياسي: «يمكن تسمية «داعش» تنظيماً إسلامياً إذا سمينا «كوكلاكس كلان» تنظيماً مسيحياً».
أقسم بالله أن إعجابي بدهاء هذا الوزير يزداد يوماً بعد يوم، ولم أتخيل قط أن يخرج من بين أضلاعنا «كشعوب الخليج» من يملك مثل هذا المنطق والقدرة على المناورة وكسر شوكة الفرس، بل والروس أيضاً، ففي إحدى تصريحاته قال: «بشار الأسد انتهى وليس له مكان في مستقبل سوريا (...) الرجل المسؤول عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص ونزوح 12 مليون شخص ودمار دولة بأكملها، هو رجل لا يملك موقعاً على الإطلاق في مستقبل هذه الدولة (...) لجأ إلى إيران لدعمه والذين أرسلوا بدورهم قوات القدس لمساعدته والحرس الثوري ولكن هم أيضاً لم يستطيعوا إنقاذه، وعليه قامت إيران وبشار الأسد بجذب «حزب الله» والميليشيات الشيعية من العراق وباكستان وأفغانستان وأيضاً كل هؤلاء لم يستطيعوا إنقاذه (...) الآن لدينا روسيا وهم لن يتمكنوا من إنقاذه أيضاً (....) الأسد سيغادر لا شك بذلك أبداً، إما بعملية سياسية أو سيتم إزاحته بالقوة».
نعم هذا الرجل يملك شيئاً لا يملكه وزراء خارجية آخرين.. الثقة، والشجاعة..
يا أخي، تسلم البطن اللي شالتك..