أعتقد أن الرسالة التي أرادت السعودية إيصالها للدول الخليجية من خلال دعوة وزير الإعلام السعودي د.عادل الطريفي لزملائه قد وصلت ... أو هكذا أظن؟!!!!
الوزير السعودي دعا وزراء إعلام الخليج لاجتماع حرص على وصفه «بالاستثنائي» وهذه رسالة أولى، ثم عقد الاجتماع «بالقاعدة الجوية» في الرياض وتلك رسالة أخرى، فهل وصلت الرسالتان؟
الوزير السعودي أراد أن ينبه ويوعي ويطلق أبواق التنبيه بأعلى درجاتها لزملائه ليذكرهم أن قواتكم المسلحة في حرب، وأن منطقتنا ودولنا الخليجية تمر بأعقد مراحلها وأهمها وهي مرحلة مصيرية، وأن دور «الإعلام» في هذه المرحلة الحالية يعادل تماماً دور «القوات المسلحة»، وأن وزراء الإعلام في هذه المرحلة يجب أن يكونوا على درجة متساوية مع وزراء الدفاع، إنما الواقع غير ذلك تماماً.
الرسالة الأهم هي أن المملكة العربية السعودية لا يجب أن تحمل هذا الثقل وحدها، فإن تحرج الوزير السعودي عن نقل هذه الرسالة فنحن ننقلها نيابة عنه لأن الوضع الاستثنائي الذي نعيشه لا يحتمل هذا القدر من المجاملة والدبلوماسية.
إمكانياتنا كدول مجلس التعاون مجتمعة، المالية والكوادر البشرية والخبرات والتقنية وغيرها مما نملك بإمكانها أن تفعل المعجزات على مستوى الإعلام الداخلي الخليجي وعلى مستوى مخاطبة الخارج في حالة ما إذا تحركت تحت مظلة واحدة وخطاب واحد واستراتيجية إعلامية موحدة بقيادة موحدة، لا بطريقة الإعلام الشمولي سيئ الذكر إنما بطريقة ذكية لماحة تراعي المتغيرات العصرية.
ويحتاج الأمر هنا إلى توجيه من القيادات الخليجية مباشرة للأحداث هذه النقلة النوعية، لأننا لو تركنا الأمر لفطنة وزراء الإعلام وحدها فلن نصل إلى نتيجة، كما يحتاج الأمر لتفعيل الأمانة العامة لدول الخليج بشكل أكثر ديناميكية وفعالية لخلق مركز قيادي إعلامي موحد يرصد أولاً ما يقدمه الإعلام الحالي خدمة للمرحلة الاستثنائية التي نمر بها، ويعرض تقاريره ليضع وزراء الإعلام أمام مسؤوليتهم، ثم يرسم خطوات المستقبل القريب معهم.
لم تتحرج دول الخليج أن تتحرك تحت قيادة المملكة العربية السعودية عسكرياً وكانت جزءاً من «التحالف العربي العسكري»الذي تقوده المملكة، فلم تتحرج الآن أن تكون جزءاً من «تحالف خليجي إعلامي» تقوده أيضاً المملكة العربية السعودية ليكون لنا خطاباً موحداً للداخل الخليجي وللخارج يغني عن الكثير من ساعات مهدرة نتكلم فيها عن وحدة المصير دون أن نملك قدرة توحيد خطاب إعلامي بشكل عملي، لنستغل أفضل ما لدى كل دولة وفي كل واحدة ما يميزها.
إن غياب الخطاب الذي يعزز الهوية الخليجية والذي يوحد الهدف والمصير والذي يشيع قيم العزة والكرامة والسيادة ونخوة العروبة ويرفع من معنويات هذه المجتمعات التي تخوض حروباً وتخسر شهداء ربما للمرة الأولى في تاريخنا المعاصر بهذا الشكل يستدعي التحرك الإعلامي الاستثنائي.
إن أكبر دليل على غياب هذه الرؤية عن وسائلنا الإعلامية الخليجية «عدا السعودية والإماراتية» هو لجوء الناس لهواتفهم النقالة يتلقفون كل ما يعزز هذه الروح الوطنية ووحدة المصير لهوية خليجية جامعة لأن شاشاتهم الفضائية عجزت عن إشباع هذا التعطش، إذ أصبحت فعالية الهواتف الآن أكبر من فعالية هذه الوزارات التي تكلف الدول الخليجية الملايين!!
أسماء كويتية وإماراتية وسعودية لم نكن نعرفها ساهمت هواتفنا النقالة في شهرتها لأنها لامست مواقع القحط العاطفي الخليجي الذي يلم الشتات في نفوسنا، فنزلت كلماتهم كالغيث على أرض جافة ترويها وترطب عروقها، رسائل مكتوبة منها المفيد وكثير من غث ولا يخدم اضطر المجتمع الخليجي للجوء لها ليسد النقص في المورد الأصلي لها وهو إعلامهم.
القنوات السعودية الرسمية وشبه الرسمية والقنوات الإماراتية وحدهما من ترى فيهما خطاباً وطنياً خليجياً يعزز الهوية الخليجية لا يقتصر على الأغاني والعرضات، خطاباً ووضوحاً في الرسالة التي تخدم أغراضها، ورغم الكثير من الملاحظات عليهما، إنما على الأقل هناك توجيه واضح وجهد مبذول.
إن دعوة وزير الإعلام السعودي لزملائه يجب أن تنظر لها قيادات دول الخليج نظرة جدية في هذه المرحلة نظرة لا تقصر الأمر على أنها اجتماع عادي وتنسيقي بين وزراء «الترفيه» في دولنا الخليجية، بل نظرة لا تقل في أهميتها عن دعوة رؤساء هيئات الأركان، فالإعلام في معركتنا هذه قد يربح جولات تعين بل تغنى بنجاحاتها عن معارك عسكرية ميدانية، و العكس صحيح.