هل عجزت الحكومة بكل إمكانياتها وكافة أجهزتها عن إنجاز الجزء الخاص بها في تحقيق رؤية 2030؟
الحكومة طلبت من المواطن أن يحقق الجزء الخاص به لتحقيق هذه الرؤية، وحثته على تحمل أعباء المرحلة التقشفية القادمة، وتقليل اعتماده على الحكومة والدولة الرعوية لأنها انتهت وانتهى الدعم، وأن دوره اليوم هو الاعتماد على نفسه وتحريك السوق والانتقال إلى السلوكيات الإنتاجية بدل السلوكيات الاستهلاكية.
آمنا بالله هذا دوره وهذه مسؤوليته ونحثه عليها ونقول له رب ضارة نافعة، هذه المرحلة كانت ستأتي عاجلاً أم آجلاً، قم وتحرك وانفض عنك غبار الكسل أيها المواطن.
لكن المشكلة ليست فيه هو، وليست في قلة نشاطه واعتماده على الحكومة فقط، المشكلة أن عملية تحريك القطاع الخاص والسوق مهمة يحملها الاثنان: الحكومة بتهيئة البيئة والمواطن بالتحرك، ولا يستطيع المواطن أن يقوم بدوره إن لم تقم الحكومة بدورها، ولا يستطيع أن يؤدي المهام الحكومية نيابة عنها، فإن عجزت الحكومة عن القيام بدورها في تهيئة البيئة المناسبة له للعمل من جهة وأوقفت الدعم من جهة أخرى، فإن ذلك يعني أنها سدت أبواب الرزق.
من المسؤول عن تنظيف السوق من العمالة السائبة؟ -على سبيل المثال - من المسؤول عن القضاء على البيروقراطية والتعقديات والشرائح والخطوط الحمر؟ من المسؤول عن القضاء على الفساد والرشاوى؟ هذه مهام ومسؤولية أجهزة الحكومة، فإن عجزت عن أداء مسؤوليتها فإن أبواب الرزق ستتعطل وهذا الذي يجري الآن.
العمالة الآسيوية تأخذ معظم الأنشطة الاقتصادية وتحول ملياري دينار بحريني إلى الخارج، هذه الأموال كان من الأولى لها أن تبقى في البحرين وتنعش السوق، هذه الأموال لو بقيت في البلد لذهبت لجيب البحريني ولتحسن مستوى معيشته ولما احتاج للحكومة في توفير سكنه أو دراسة أبنائه أو علاج مرضه، 2 مليار دينار بحريني ستغير حال معظم الأسر البحرينية وتجعل من أصحاب المهن من الطبقة المتوسطة لا من الطبقة الفقيرة، هذه العمالة نافست البحرينيين فلم تترك لهم مجالاً في السوق ومن المسؤول عن بقائها وعدم ترحيلها وتقليص عددها؟
الحكومة عاجزة عن معالجة هذه المشكلة وفقدنا الأمل في السلطة التشريعية؛ فلجنة التحقيق النيابية في سبات وحتى لو انتهت من تقريرها فإنها لن تفلح في الاجتماع على رأي واحد ومراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها على تقصيرها... غسلنا يدنا.. إلا لو تحققت المعجزة، وما ذلك على الله بعزيز.
إنما الحكومة مقصرة، مقصرة في أداء مسؤوليتها، فليس الخلل في التشريعات، إنما الخلل في تطبيق القانون ووضعه موضع التنفيذ والمسؤولية كرة تتقاذفها العمل مع الداخلية مع هيئة تنظيم سوق العمل، والنتيجة استمرار المشكلة وبقاؤها والحلول التي تقوم بها الحكومة ترقيعية لا تمس غير الهوامش من الأزمة.
أما البيروقراطية فهي مسؤولية حكومية 100% بلا منازع، العقد داخل أروقة الوزارات، وهذه أيضاً عجزت الحكومة عن معالجتها عجزاً تاماً، ولم تنفع مع هذه المشكلة توجيهات وزيارات قام بها رئيس مجلس الوزراء، ولن تنفع زيارات تفقدية للوزراء ولا توجيهات يقدمها الوزير، قلنا لكم هذه المشكلة بحاجة لمسؤول كبير كامل الصلاحيات كلمته «تمشي» على كل الوزارات يقيم إقامة دائمة في المراكز الشاملة وحين يذهب للبيت يفتح الخط المباشر مع المسؤول هناك إلى أن يستقيم الحال، علاج استثنائي لمرض استثنائي، إذ أتحدى أي نشاط اقتصادي في البحرين يمكنه أن يضع حجر الأساس قبل مرور ستة شهور ثم ستة شهور أخرى ليزاول نشاطه، فإلى الآن لا تواصل بين أقسام الوزارة الواحدة، وبالتأكيد انقطاع بين الوزارات، وقرارات تتعارض وتتناقض مع بعضها البعض، وكل يوم تتراكم قصص البيروقراطية المضحكة المبكية وتصلح لفيلم كوميدي مؤثر قد يقودك إلى الاكتئاب بعد مشاهدته.
أما الفساد فهو الابن غير الشرعي لهذه البيروقراطية وطبيعي أن يولد هذا الجنين فالبيروقراطية هي السوق الخلفي للرشاوى والمقايضات وسوء استغلال السلطة.
سابقاً كان طرح هذه المشكلة يأتي ضمن سياق تحسين الأداء، وهذا كان زمن الرفاه والكماليات، فإن عجزت الحكومة سابقاً عن تحسين أدائها كان المواطن يقتات على الوظائف الحكومية وعلى الرعاية المجانية والدعم. إنما الآن يأتي طرح هذه المشكلة ضمن سياق ما تبقى للمواطن البحريني من سبل كي يعيش بكرامة ودونها يأتي زمن الاختناق وهو زمن مخيف ومرعب!!
قد يكون هذا هو النداء الأخير للحكومة... قوموا بواجبكم ومسؤوليتكم كما يجب وتحركوا أنتم حتى نستطيع أن نساعدكم نحن في تحريك المواطن.