قرأت الكلمة التي تفضل معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة بإلقائها في اللقاء الذي جمعه الأحد الماضي مع نخبة من أبناء الوطن من مختلف شرائح المجتمع البحريني، قرأتها عدة مرات فلم أجد فيها ما قد يوصف بالمبالغة أو توجيه الاتهامات من دون دليل. الكلمة كانت واضحة وكل ما جاء فيها كان دقيقاً وتأكيداً لحقائق لا يغيب عن شعب البحرين والعالم تفاصيلها حيث الجميع يعرف تمام المعرفة ما تسعى إليه إيران وما تقوم به وكيف أنها تمكنت من إغواء مجموعة من صغار العقول وأوصلتهم إلى مرحلة صاروا يرون فيها بيع الوطن مسألة عادية والتخريب والإساءة له بطولة ووطنية.
ما قاله الوزير عن إيران وتدخلاتها كله صحيح ودقيق ويستند إلى أدلة وبراهين، ولولا هذا لما أقدم على الإعلان عنه، ذلك أنه لا يمكن لأي دولة أن تعلن عن مثل هذه الأمور لولا توفر ما يكفي من الأدلة والبراهين المقنعة، وهكذا فإن ما قاله عن تورط البعض في مشكلات أمنية وراءها إيران حقيقة لا تقبل الجدل ولا التشكيك ويتوفر ما يؤكدها، وما أعلن عنه من خطوات ستبدأ وزارة الداخلية في اتخاذها وتطبيقها أمر طبيعي وحق للدولة وكانت متوقعة بل مطلوبة من شعب البحرين الذي عانى من إيران ومن أولئك الذين غررت بهم، فليس من دولة تقبل بتدخل أي دولة في شؤونها الداخلية، وليس من دولة ترى استغلال دولة أخرى لأبنائها، تغويهم وتحرضهم ضد وطنهم وأهليهم، وتسكت، وليس من دولة في مثل هذه الأحوال إلا وتتخذ سلسلة من الإجراءات وتصدر القوانين وتعتمد التنظيمات التي تحميها وتحمي شعبها، وهذا باختصار ما أكد عليه الوزير وأعلن عنه في ذلك اللقاء الذي اتسم بالصراحة.
كلمة وزير الداخلية تضمنت إعلاناً ملخصه أن البحرين ستبدأ تطبيق إجراءات من شأنها أن تحد من تدخلات إيران في البحرين وتمنعها من استغلال المهووسين بها وبتجربتها الفاشلة وأنها ستتخذ قرارات تضبط السفر وتنظم الشعائر الدينية، وهذا يؤكد أن البحرين توصلت إلى قناعة بأن إيران حاولت استغلال أي تواجد لها في المملكة لتنفيذ أغراضها التوسعية وأن تلك التدخلات والمحاولات كانت كبيرة وخطيرة وأنه تم رصدها بدقة. الكلمة تضمنت أيضاً إعلاناً عن المباشرة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة أخطار الإرهاب ومنها تشكيل لجنة لمراقبة عمليات تداول الأموال وجمع التبرعات وتنظيم سفر المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً إلى الدول «غير الآمنة».
في الكلمة أيضاً إعلان عن ضرورة حماية الخطاب الديني من التطرف والتحريض، وضبط محاولات تسييس شعائر عاشوراء لضمان عدم بث الفوضى عبرها من خلال إيجاد تنظيم يحدد أيام خروج مواكب العزاء وأوقاتها ويحدد المسؤوليات.
كلمة وزير الداخلية جاءت لتعلن أن مملكة البحرين لن تسمح باستغلال المناسبات على اختلافها «لإحداث الفوضى والإخلال بالنظام العام» وأنها ستواجه كل محاولة لاختراق الصف الوطني بكل ما أوتيت من قوة وأنها لن تتهاون في هذا الأمر، وجاءت لتعلن قبل هذا بأن البحرين قررت «التحول من العمل بإستراتيجية ترتكز على الاستعداد المستمر وردود الفعل على الحوادث إلى إستراتيجية أمنية تعتمد على الاستباقية»، وهو قرار مهم للغاية من شأنه أن يوفر الكثير ويحمي الكثيرين ويمنع الكثيرين من التورط في ما تخطط له إيران التي لا تزال تعيش في وهم السيطرة على مقدرات المنطقة.
ما ينبغي أن تدركه إيران جيداً هو أن شعب البحرين يعرف أن كل القرارات والإجراءات التي تتخذها الدولة هي لحمايته وتحصينه ضد كل محاولات السوء، وأن تدرك أيضاً أن هذا الشعب لا يمكن أن يتحول إلى أداة تستخدمها لتحقيق مآربها.