رغم الوضوح الذي اتسمت به كلمة معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في لقائه الأخير بالمواطنين وحرصه على استخدام العبارات التي لا تقبل التأويل إلا أن أولئك الذين اتخذوا منها موقفاً حتى من قبل أن يسمعوها أو يقرؤوها أعطوها أبعاداً أخرى وفسروا ما جاء فيها تفسيرات تعبر عن ضيق أفق يفترض ألا تكون سمتهم، فقالوا ما قالوا معتبرين ذلك قراءة لما بين السطور.
الوضوح الذي اتسمت به كلمة الوزير لم تتح أي فرصة لتخبئة مقاصدها أو حتى بعض مقاصدها بين السطور ليكتشفها أولئك. الكلمة كانت مباشرة وصريحة، وعباراتها لا توفر الفرصة للاجتهاد، فالعبارات من نوع «واحد زائد واحد يساوي اثنين»، لا مجال فيها لكل هذا ولا تقبل أي تفسير لأن واحد زائد واحد لا تساوي إلا اثنين، وهكذا كانت كلمة وزير الداخلية التي اهتمت بوضع النقاط على الحروف كي تكون واضحة ومقروءة وكي يعرف الجميع موقف الحكومة من كل هذا الذي يحدث في الداخل وموقف المملكة من كل هذا الذي تقوم به إيران، هذه الجارة الضارة، وأتباعها.
هنا مثال يبين وضوح تلك الكلمة. يقول الوزير شارحاً الفارق بين من ارتمى في حضن الأجنبي ومن قدم نفسه فداء للوطن «والسؤال حول من انضووا تحت العباءة الإيرانية أو من ارتموا في أروقة السفارات للتنظير في شأن سياستنا الوطنية وأمورنا السيادية، هل يمكن أن يكونوا شركاء في الحياة الديمقراطية والإصلاح السياسي؟ وهل يمكن أن يكونوا مشرعين وقضاة؟ هل هم جديرون بتولي مناصب مفصلية في الدولة؟ أو أن يتم قبولهم في السلك العسكري أو الأمني؟» وزيادة في التوضيح قال «إن هؤلاء لم يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية، ولا يمكن أن يكونوا شركاء في بناء مستقبل الوطن»، ولمزيد من توضيح الصورة قارن بينهم وبين المخلصين من أبناء الوطن، فقال «إن الأحق بذلك هم الشخصيات الوطنية الذين يضعون مصلحة البحرين فوق كل اعتبار بقيادة جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، والذين يحترمون الإرادة الشعبية وقوانين المملكة ودستورها»، واصفاً هؤلاء بالمخلصين والفائزين. فأي تأويل يمكن أن تقبله هذه العبارات؟ هي بيان لحالة وإعلان عن اعتماد معيار يتم به التفريق بين من يستحق الثناء والشكر والحصول على خيرات الوطن وبين من لا يستحق إلا العتب واللوم والحرمان بسبب موقفه السالب من الوطن ومن القيادة وبسبب ممارساته التي أساءت للوطن وأضرت به وعرضته لشتى أنواع المخاطر.
كلمة الوزير جاءت لتدعو إلى وحدة الصف ولتدعو المواطنين جميعاً إلى العمل على وضع حد لكل من يحاول أن يستغل الاختلاف في المذاهب بغية توظيفها في إيجاد خلافات بين المنتمين إليها من أبناء هذا الوطن، وما تم ذكره عن إيران يصب في هذا الاتجاه، فإيران تعمل جاهدة منذ سنين لإيجاد صراع طائفي عبر طرح نفسها ممثلاً للشيعة وراعياً لهم في كل مكان، وعبر فرض قناعة مسؤوليها بما صار يعرف باسم «ولاية الفقيه» والتي تعني الخضوع التام لـ «ممثل الله سبحانه وتعالى على الأرض» وهو هنا خامنئي، وتعني عدم المناقشة، لا قبل تنفيذ الأوامر ولا بعد تنفيذها، فما يقوله ممثل الخالق لا يناقش من قبل المخلوق.
كل ما جاء في كلمة وزير الداخلية لا يقبل التأويل بسبب وضوحه بل وضوحه الشديد لأنه سمى الأشياء بأسمائها ولم يلف ولم يدر، فقال عن إيران ما قال، وقال عن المنضوين تحت عباءتها إنهم ليسوا شركاء في بناء الوطن للأسباب التي ذكرها، وأعلن عن سلسلة من القرارات الرامية إلى حماية الوطن بعبارات واضحة لا تقبل التأويل.