من الأمور اللافتة والمثيرة أنه رغم توفر الكثير من الأدلة على تورط إيران في أنشطة عدوانية ومسيئة لجيرانها وخصوصاً مملكة البحرين إلا أن البعض الذي لا يزال مهووساً بها مستمر في ترويج مقولات ملخصها أنها «بريئة من كل تلك التهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب وأن هذه الدول تقحم اسم إيران لأغراض سياسية وبهدف ضرب «المعارضة»»، وهو ما يؤكد سذاجة تفكير ذلك البعض وعدم قدرته على استيعاب ما يدور على أرض الواقع، ذلك أنه من المستحيل أن تغامر الدولة – أي دولة – بتوجيه الاتهامات لدولة أخرى وتقاطعها لو لم تتوفر لديها الأدلة القاطعة التي يمكنها بها إقناع العالم أجمع بأن ما تدعيه صحيح ولا يقبل الشك. كما أنه من المستحيل لو أن إيران كانت تمتلك الأدلة والبراهين على عدم تورطها أن تسكت عن توجيه تلك الاتهامات إليها لأن السكوت هنا ليس في مصلحتها ويعني ببساطة الاعتراف بتورطها في تلك الأفعال والأنشطة.
إيران متورطة في تهريب الأسلحة والمخدرات إلى ثلاث من دول مجلس التعاون هي البحرين والكويت والسعودية، وإيران متورطة في تدريب عناصر خليجية على السلاح في أراضيها وفي العراق وفي سوريا وفي لبنان وغيرها، وإيران متورطة في دعم «المعارضة» في البحرين بشكل خاص، وهو ما لا يحتاج إلى دليل، حيث الإعلام الإيراني يعمل في هذا المجال على مدار الساعة، ويكفي دليلاً على ذلك ما تبثه فضائية «العالم» الإيرانية يومياً، وإيران متورطة في دعم كل من يرغب في التخريب بدول المجلس بالمال، ومتورطة في أمور أخرى كثيرة يتوفر عليها ألف دليل ودليل.
ليس صحيحاً ركون وزارات الداخلية في دول المجلس إلى اعترافات المتهمين فقط في القضايا المتهمة فيها إيران، فهذه الاعترافات جزء من تلك الأدلة وليست كلها، وليس صحيحاً أن الدول الخليجية التي توجه هذه الاتهامات لإيران تريد تحقيق أهداف سياسية، ذلك أنه أياً كانت تلك الأهداف لا يمكن أن تتحقق باتخاذ موقف سالب من دولة جارة، وليس صحيحاً أيضاً سعي الحكومة هنا لضرب «المعارضة» عبر توجيه الاتهامات لإيران لأن ضرب هذه «المعارضة» ليس صعباً ويمكن أن يتم بطرق ووسائل عديدة من دون التفريط في العلاقة مع أي دولة، فـ «المعارضة» هنا ليست بالقوة التي يصعب ضربها أو إضعافها أو تفتيتها.
الصحيح هو أن هذه الدول تتوفر لديها أدلة قوية على تورط إيران ومحاولتها التدخل في شؤونها الداخلية، والصحيح هو أن إيران بدل أن تعترف وتتعهد بالتوقف عن هذه التدخلات التي لا تليق بدولة جارة وإسلامية تنكر كل شيء ولا تقبل حتى مناقشة الاتهامات بل تصر على إظهار نفسها وكأنها لا تعلم عن شيء مما يقال عنها، بل لا تعلم شيئاً عن «المعارضة» هنا أو هناك!
من الحقائق التي لا تقبل التشكيك أن إيران متورطة في تهريب الأسلحة والمخدرات، وفي تدريب عناصر تؤمل أن يكونوا رأس حربة لها، وفي دعم إعلامي وغير إعلامي لمجموعة لا تريد الخير لبلادنا. ولولا تأكد البحرين من هذه الأمور وتيقنها منها لما قال وزير الداخلية في لقائه الأخير بالمواطنين «إن المعلومات التفصيلية والأدلة المادية والنتائج المختبرية للتدخلات الإيرانية في البحرين أكبر من أن تكون معلومات للصحافة والإعلام، إنها تمثل تقريراً مهنياً وقانونياً يبين حجم ومدى خطورة التدخلات الإيرانية في الأمن الداخلي البحريني»، ما يعني أن البحرين – وكذلك دول خليجية أخرى – قامت برصد كل ما تقوم به إيران خلال الفترة الماضية وصار بين يديها من الأدلة والبراهين ما لا يمكن لأحد أن ينكره، وما لو حاول أحد ذلك سهل الرد عليه.