التصريحات المنسوبة إلى مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي والتي وصف فيها القتال الدائر في سوريا بأنه «حرب الإسلام على الكفر» وأن «باب الشهادة قد فُتح من جديد» تصريحات تثير الكثير من القلق، ليس فقط لأنها اعتراف رسمي بتواجد قوات إيرانية في سوريا تقاتل جنباً إلى جنب مع قوات بشار الأسد ولكن لأنها تفتح أيضاً الطريق لمن يريد من الإيرانيين «القتال» إلى جانب «القوات» الأخرى التي يهم إيران دعمها في البحرين وغيرها من دول مجلس التعاون.
حسب الخبر الذي اهتمت بنشره قناة «الجزيرة» أن «تصريحات خامنئي جاءت على لسان الأمين العام لمجلس صيانة الدستور أحمد جنتي في كلمة له خلال حفل تأبين 46 عسكرياً إيرانياً قتلوا خلال الاشتباكات بين قوات النظام السوري والمعارضة، بحسب وكالة فارس الإيرانية»، وتكملة الخبر أن جنتي نقل عن خامنئي قوله «إذا لم يذهب الشباب للقتال في سوريا وإذا لم يقاتلوا هناك فإن العدو سيهاجم إيران وسيستهدف مدينة كرمانشاه وغيرها من المناطق الحدودية»، وأنه لهذا فإن «باب الشهادة الذي أغلق بانتهاء الحرب الإيرانية العراقية فتح مجددا في سوريا، وأن الشباب طلبوا بإصرار السماح لهم بالذهاب إلى جبهات القتال حيث يقاتل الإسلام فيها الكفر كما كان أيام الحرب الإيرانية العراقية».
أما عبارة «الشباب طلبوا بإصرار السماح لهم بالذهاب إلى جبهات القتال في سوريا» فإنها تعني أن القيادة في إيران يمكن أن تستجيب أيضا إلى «طلب الشباب السماح لهم بالقدوم إلى البحرين أو أي دولة خليجية لو أنهم «أصروا على ذلك»، فهذا «حقهم» و«الديمقراطية» في إيران تلزم مرشدها وقياداتها الاستجابة لطلب الشباب الإيراني إن أصر على ذلك أو ألح!
لو كان الخبر دقيقا فإنه يستوجب التوقف عنده مليا من قبل المعنيين في مختلف دول مجلس التعاون لأن الكلام خطير وإعلان عن خطوة عملية ورسالة ملخصها أنه مثلما أن الأمر استوجب توفير قوات نظامية ومتطوعين من إيران في سوريا فإن عليكم أن تتوقعوا تكرار الأمر نفسه في أي دولة خليجية وخصوصاً البحرين التي ربما يهم إيران أمرها أكثر من سوريا.
حسب الخبر أيضاً فإن «قوات إيرانية من الحرس الثوري وميليشيات أفغانية تجندها إيران تقاتل إلى جانب قوات النظام في سوريا ضد المعارضة السورية»، وأن «وسائل إعلام إيرانية تشير إلى أن أكثر من أربعمائة عسكري إيراني بينهم رتب رفيعة قتلوا خلال الاشتباكات في مختلف المدن السورية».
حتى لو لم يكن هذا التصريح المنسوب لخامنئي دقيقاً أو صحيحاً فإن الأمر يستحق الانتباه له ودراسته، فما يجري في سوريا منذ فترة يؤكد تواجد قوات إيرانية هناك تقاتل إلى جانب قوات النظام وأن الأمر غير مقتصر على «مستشارين» يستفاد من خبراتهم في مثل هذه الظروف ومساعدات مالية وتوفير أسلحة، كما يؤكد أن إيران اتخذت قرارا بتجاوز مرحلة «الحرب بالوكالة» والدخول في مرحلة القتال المعلن ضد كل من تعتبره حسب معاييرها كافرا.
وصول إيران إلى مرحلة التحدث من دون حرج عن مشاركة جنودها ومتطوعين إيرانيين في الحرب الدائرة في سوريا ومساندة قوات النظام السوري يعني أنها لن تجد بعد قليل أي حرج في التحدث عن مشاركة جنودها والمتطوعين الإيرانيين في أي «قتال» قد ينشب في أي دولة من دول مجلس التعاون .
في 2011 استقل مئات الإيرانيين سفينتين حاولتا القدوم إلى البحرين لمناصرة من هو محسوب على إيران لكن السلطات الإيرانية منعتهم من ذلك وأعادت السفينتين إلى حيث انطلقتا. حسب الخبر، فإن إيران لن تقف في وجه شبابها هذه المرة لو أنهم «أصروا» على «فتح باب الشهادة» وصنفوا البحرين في خانة الدول التي تستحق أن يحاربها الإسلام!