بحسب ما نسمعه من تصريحات رسمية، بتنا نعرف أن عدد سكان البحرين يصل لقرابة مليون و100 ألف تقريباً، وربما أكثر بقليل، وأن عدد المواطنين قد يصل لقرابة 600 ألف بحريني، ما يعني أن عدد الأجانب يفوق المواطنين.
قبل سنوات كان عدد قاطني البحرين لا يصل المليون، وكان متداولاً لدينا بأن عدد البحرينيين يكاد يصل لنصف مليون نسمة، لكن الأهم كان بأن عدد الأجانب أقل من المواطنين.
الملاحظ في السنوات الأخيرة التضخم الكبير في عدد الأجانب، ووصولنا مرحلة نقول فيها إن عدد المواطنين في البحرين أقل من الأجانب فيها.
مجرد ذكر هذه المعلومة يولد لديك إحساساً بأن هناك خللاً ما، إذ منطقياً يفكر أي إنسان في أي بلد بأن عدد المواطنين لابد أن يكون فائقاً لعدد الأجانب بأضعاف مضاعفة، لا العكس.
لو نسأل عن الأسباب لأمكن تلخيصها في إجابات مختصرة سريعة مفادها بأن حجم العمالة الأجنبية، بالأخص الآسيوية التي مازالت تعتبر عمالة «رخيصة التكاليف» زاد بشكل كبير.
الزيادة بحد ذاتها تفرض تساؤلات أخرى حول فعالية البرامج والمشاريع الرسمية التي تطلق تحت شعارات تمكين المواطن وإحلاله في غالبية الأعمال بحيث يكون هو «الخيار الأول» قبل اللجوء إلى الأجنبي، لكن الأرقام تقول إن الحاصل العكس.
نعم، هناك من سيقول إنك تقارن البحريني بالأجنبي في أعمال يقبل الأخير أن يعمل فيها في حين يرفضها البحريني، فمن يعمل اليوم كعامل بناء، أو عامل نظافة؟!
وفي القول أعلاه شيء يمس الواقع بالتالي يحوله لكلام منطقي، لكن رغم ذلك يمكن مقارعة هذا الكلام بالتدليل على أن الأوضاع تغيرت عما كانت عليه سابقاً، ففي السابق لم يكن هناك كثير من البحرينيين يقبلون بالعمل في أعمال تشغلها العمالة الأجنبية، بالنظر لنوعية العمل وأيضاً نظراً للرواتب المعنية بها، والتي لدينا في البحرين لا تعتبر مدخولاً يضمن للمواطن حياة كريمة في مقابل أنها للآسيوي في بلاده تعتبر دخلاً عالياً، وعبر تجميعه قد يصل لتجميع ثروة تجعله من ميسوري الحال في بلاده.
أقول سابقاً، لأن واقع الحال اليوم يقول إن البحرينيين، خاصة الشباب الذين يصعب حصولهم على وظائف في القطاع الخاص، تجدهم يعملون في محطات البنزين، وتجدهم يعملون في المحلات والمطاعم، وحتى بعضهم يغسل السيارات، من منطلق أن العمل أبداً لم يكن «عيباً»، بل على العكس الحصول على لقمة العيش عبر التكسب النظيف أشرف من العكس.
وعليه فإن المنطق يقول بأنه لو بحثنا في الوظائف التي يشغلها الأجانب بالأخص في القطاع الخاص، فإننا سنجد أن بإمكان البحرينيين شغلها والإبداع فيها، لكن مع ضرورة رفع الرواتب ومنحهم وضعاً مهنياً يجعلهم يعولون على هذه الوظيفة.
أدرك تماماً أن ما نقوله يزعج بعض رجال الأعمال في القطاع الخاص، فالبحريني بالنسبة لهم «مكلف» في حين الآسيوي «رخيص» في راتبه وتأمين سكنه إضافة لحالته الاجتماعية. لذلك فإن الدولة اليوم مسؤوليتها التحكم في هذه العملية لتخدم البحرينيين، ولا تكفي الإجراءات المفروضة حالياً بوجوب توظيف نسبة معينة من البحرينيين حتى تكون «محللاً» في توظيف أضعافهم من أجانب، الآلية هذه بحد ذاتها يتعامل معها البعض بـ «فهلوة» و«دوران» على القانون، ولدي أحد الأمثلة الحية بين يدي لشاب بحريني وظف فقط لإشغال نسبة البحرنة المطلوبة.
عموما، الفكرة في وضع حلول لعملية الزيادة في عدد الأجانب في البحرين، وأن هذه الأعداد التي تتجاوز عدد البحرينيين لها تأثيراتها الاقتصادية وحتى تأثيرات على السوق بطريقة غير إيجابية، يكفي أن نرى حجم الأموال الخارجة من البلاد كسيولة دون أن يتم تدويرها في الاقتصاد المحلي، إضافة لإمكانية إنهاء ملف البطالة نهائياً ورفع الحد الأدنى للرواتب إن بدأنا بالفعل التفكير في تقليل أعداد الأجانب في البحرين.
نحن بلد صغير، لا يعقل بأن أكثر من نصف سكاننا أجانب، يشاركوننا بعض الخدمات على رأسها الخدمات الصحية، يشاركوننا في الأسواق ويؤثرون على توافر بعض السلع، وحتى الزحمة في الشوارع لهم نصيب منها، وطبعاً كما ذكرنا، هم باتوا العنصر العامل المفضل في القطاع الخاص بتكلفة تقل عن البحريني، ما يعني مزاحمته أيضاً على فرص العمل.
السؤال المطروح يبحث عن إجابات عقلانية جادة، إذ هل يمكننا أن نقلل عدد الأجانب في البحرين؟! وإن كان بنعم، فكيف؟!
طبعاً إن كان الكلام يرتكز على القطاع الخاص، فإننا نبحث بالفعل عن آلية واضحة تبادر بها الدولة، في حين أن الحديث عن القطاع العام لابد وأن يكون منتهياً بتطبيق توجه صريح بإحلال البحرينيين محل الأجانب وفق خطة زمنية مع انتهائها يمكننا القول إنه لا يوجد أجنبي واحد يشغل وظيفة لبحريني في القطاع العام.