للمعلومية فقط، اعترافات بعض عناصر الانقلاب في البحرين عام 2011 والتي عرضت مؤخراً على قناة «العربية»، هي موجودة أصلاً في محاضر التحقيق في نفس عام الانقلاب والقبض عليهم، ويعرف أقوالهم تماماً المحامون الذين ترافعوا عنهم، وكذلك بعض وسائل الإعلام والإعلاميون مع فارق أن الصحافة الوطنية المخلصة كشفت وتطرقت لجوانب عديدة من هذه الاعترافات، بالأخص طيران حسن مشيمع إلى لبنان ولقائه حسن نصر الله، وما قاله محمد المقداد عن تلقيه تعليمات من الحزب، في جانب آخر تم «طمس» هذه المعلومات و»حجبها» في وسائل إعلام «صفراء» عرفت مضمون الاعترافات لكنها لم تتطرق لها، ولكم فهم السبب.
الفارق هنا، بشأن الفيلم القصير الذي بثته «العربية» وأعده كبير مراسليهم الزميل محمد العرب، أنه رغم قصر الفيلم إلا أن تأثيره كان كبيراً جداً، لأنه ببساطة شديدة تضمن تصريحات مصورة لمن نصبوا في فترة الانقلاب على أنهم «عرابو» الثورة البحرينية التي ستطيح بالنظام وستأتي ببديل له تحت اسم «الجمهورية» ينشر في بلادنا العدالة والحرية، طبعاً بنكهة الولي الفقيه الإيراني.
دائماً ما نقول بأن «الصوت والصورة» أقوى من الكلمات المكتوبة، ومن يدرسون الإعلام لابد وأن مر عليهم القول الشهير بأن «الصورة تغني عن ألف كلمة»، فما بالكم بأن تكون الصورة «متلفزة».
تأثير فيلم «العربية» لا بكونه يكشف معلومات هي موجودة في محاضر التحقيق قبل قرابة خمسة أعوام، لا أبداً، بل قوة تأثيره تأتي بطريقة عرضه الموضوع، وكيفية إيصال المعلومة ببساطة وسهولة، والأهم نشر اعترافات بعض قادة الانقلاب ممن يوصفون بجناح «الصقور» باعتبار أن الوفاق «الحمائم» التي لوت لسانها وبدلت «الإسقاط إلى إصلاح»، الأهم نشر الاعترافات وتقديم الصورة الحقيقية لهؤلاء الذين «انغش» بهم كثيرون وساروا وراءهم متصورين أنهم يسيرون وراء نسخ متطابقة من مانديلا وغاندي وجيفارا.
رأيتم وسمعتم حسن مشيمع وهو يتحدث بصورة «المتحسر» على إعلانه «التحالف من أجل الجمهورية»؟! سمعتموه وهو يتحدث بالتفصيل عن لقائه بحسن نصر الله أمين عام «حزب الله» الذراع العسكري لإيران؟!
رأيتم وسمعتم عبدالوهاب حسين وهو يتحدث عن الحوار، وعبدالجليل المقداد عن مئات آلاف الدنانير التي ترسل للخارج؟!
رأيتم وسمعتم المقداد وهو «يخبط» في جمعية «الوفاق» ويصفهم بالجنون لأنهم رفضوا الحوار الأول الذي طرحه سمو ولي العهد؟!
ندرك تماماً بأن مشاهدة «الأتباع» لهذه الصورة الحقيقية لمن يوهمونهم بأنهم «قادة نضال» من شأنها أن تكسر همة «المندفع» وراء الوهم الذي يبيعه هؤلاء، من شأنها أن توجع كل تابع وكأنها ضربة في الرأس، بأن افتح عينيك واستوعب وافهم، فها هم من ادعوا أنهم واقفون صامدون أمام الدولة، ومن صوروا لكم بأنهم يتحدون النظام وسيسقطونه، ومن دفعوكم دفعا لتواجهوا أجهزة الأمن وتدوسوا على القانون، ها هم يتحدثون في اعترافاتهم المصورة وهم «متأنقون» بملابسهم، يتحدثون بـ»أريحية»، وبكلام يكشف أنهم «نادمون»، وأنهم «يتحسرون» على ما فعلوه.
فيلم «العربية»، قدم الأدلة والإثباتات والاعترافات التي نملكها كدولة بصورة قوية ومؤثرة، يفترض بأنه بين لمن يشكك في قوة الإعلام كيف تتحول المواد المتوفرة إلى «أسلحة فتاكة» و»ردود داحضة» حينما تترجم بطريقة «احترافية» في الإعلام.
وعليه شكراً للعربية وشكراً لمحمد العرب فيما يتعلق بالفيلم الذي يتحدث عن البحرين وتضمن اعترافات زعماء الانقلاب في 2011.
كانت هذه المعلومات لدينا، لم توظف بطريقة احترافية مؤثرة مثل التي رأيناها، لكن الحمد لله، ها هي تظهر اليوم ليعلم الملأ، كيف كانت المؤامرة على البحرين، وكيف كانت إيران تحرك هؤلاء «القياديين المزعومين» كما تريد كالدمى.
المضحك في الموضوع، ما سعت إليه بعض القنوات الانقلابية في الخارج من عملية استنطاق لشخصيات حقوقية وقانونية، بأن الفيديوهات التي عرضتها العربية للاعترافات يجب أن تساءل فيها الدولة، باعتبارها تسريبات!
أقول مضحكاً لأنها «هرطقة»، البحرين لها الحق أن تفعل ما تريد كدولة بشأن فضح عمليات الانقلاب والخونة، لكن المضحك حينما يترك البعض أصل الموضوع، وأعني «الاعتراف بالانقلاب والتعامل مع إيران و»حزب الله»»، ويمسكون «القشر» كحجة وذريعة ويتساءلون «من سرب التسجيلات والاعترافات»؟!
أيهما أهم، فضح الانقلاب، أم التسجيلات؟! الإجابة تحدد موقف الشخص بوضوح مما حصل للبحرين!