ليس مفهوماً سبب اعتبار مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تصريحات معالي وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان بشأن «الحشد الشعبي» إساءة للعراق وتدخلاً في شؤونه وقوله إنها غير مناسبة و»تهدف إلى ضرب الاستقرار في العراق والعمل على الفتنة الطائفية»، وليس مفهوماً كذلك استدعاء وزارة الخارجية العراقية لسفير الإمارات في بغداد على خلفية تلك التصريحات، فالتصريح لم يخص العراق وحده، والحديث كان عن الإرهاب في كل المنطقة وكيفية القضاء على تنظيم الدولة «داعش» و»جبهة النصرة».
كان الشيخ عبد الله بن زايد قد قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، الجمعة الماضي، فيما يخص محاربة الإرهاب إنه «لا يمكن أن يكون هناك أي تلكؤ من أي طرف وليس هناك إرهاب جيد وإرهاب ضار، كما لا يمكن لنا أن نبرر الإرهاب الذي يتطلب القضاء عليه البحث عن كل ما يؤدي إليه»، و»لا يمكن لنا أن نفرق بين «داعش» و»النصرة» من جهة والجماعات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، إذا كنا نريد القضاء على «داعش» و»النصرة» بمرة واحدة وننتهي من ذلك، لا يمكن أن نرى كتائب «أبوالفضل العباس»، وجماعة «بدر»، و»الحشد الشعبي»، و»حزب الله»، يفعلون ما يفعلونه بأبناء الشعب العراقي والسوري»، وهو كلام صحيح بنسبة مائة في المائة، فالإرهاب واحد ولا يمكن أبداً محاربة جزء منه أو اعتبار الكتائب والجماعات الأخرى من غير «داعش» و»النصرة» بعيدين عن الإرهاب خصوصاً وأن أفعالهم واضحة وملموسة ولا يمكن وصفها إلا بالإرهاب.
أما قول الحكومة العراقية بأن «الحشد الشعبي وقف مع الجيش في وجه «داعش» وحرر المناطق التي احتلها الإرهاب وأبعد خطرها عن الدول الخليجية»، فلا يعني أبداً أن «الحشد الشعبي» لم يمارس الإرهاب، والدليل هو أن العراقيين أنفسهم عانوا من «الحشد الشعبي» وتصرفاته التي وصفت بالانتقامية وقالوا إنها استهدفت فئات بعينها.
كي يتم القضاء على الإرهاب ينبغي عدم التفريق بين تنظيم الدولة في العراق والشام أو ما يُعرف بـ»داعش» وجبهة النصرة التي تعتبر فرع تنظيم القاعدة في سوريا وبين جماعات تدعمها إيران في سوريا والعراق، والقول بهذا لا يعني أبدا دعم «داعش» أو غير «داعش» من التنظميات الإرهابية، فالإرهاب واحد، وكل ما يرهب الناس ويؤدي إلى قتلهم بغير حق يعتبر إرهاباً ويعتبر ممارسوه إرهابيين.
مزاعم المسؤولين في العراق بأن دولة الإمارات أو دول الخليج العربي تدعم «داعش» أو غير «داعش» من التنظيمات الإرهابية يمكن تصنيفه في باب النكتة لأنه كلام مضحك بالفعل، فمن يحارب الإرهاب لا يمكن أن يدعم أي تنظيم إرهابي، وإلا يكون قد أوقع نفسه في تناقض، وليس هذا ديدن دول مجلس التعاون. أما قولهم بـ «إننا نقاتل دفاعاً ليس عن العراق، وإنما عن المنطقة والخليج العربي الذي أصبح مهدداً من قبل «داعش»» فقول «مأكول خيره»، ويمكن تصنيفه هو الآخر في باب النكتة.
ما تفضل به وزير خارجية الإمارات لم يجانب الصواب وإن استفز البعض الذي من الواضح أنه يعاني من مشكلة في فهمه لمفهوم الإرهاب، والقضاء على الإرهاب يتطلب القضاء على كل من ينتمي إليه وليس بعضه، فليس للإرهاب سوى لون واحد وإن تعددت أشكاله.
طبعاً لا داعي للحديث عن ضعف الحكومة العراقية وعدم تمكنها من السيطرة على الخارجين على القانون أياً كان عنوانهم حيث الجميع يعرف هذا ويعرف كيف تسيطر بعض الجماعات على الكثير من بعض العراق، ويعرف كذلك كيف ستتعامل الميليشيات المعنية مع الحكومة هناك وكيف ستسعى للاستفادة مما يحدث في المنطقة لتبييض صفحتها.