نشكر وزارة التربية والتعليم قبل كل شيء على استجابتها لأصوات الباحثين عن العمل من البحرينيين، حيث وفَّرت المزيد من الوظائف خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها البحرين، وهذا يحسب للوزارة التي استطاعت أن تسمع ومن ثم تستجيب لكل النداءات التي انطلقت من وسائل الإعلام وبالتحديد عبر الصحافة المكتوبة لتوظيف البحرينيين من العاطلين عن العمل. هذا أمر يجب أن نذكره ولو من باب الأمانة قبل الخوض في تفاصيل وطريقة التوظيف.
ما يؤاخذ على وزارة التربية والتعليم بخصوص أسلوب التوظيف هذا الذي لم يُوفق القائمون عليه، هو في عدم توفير الأجواء المناسبة وحتى الإنسانية للمترشحين للوظائف. عشرات الباحثين عن العمل من الذين تقاطروا على وزارة التربية والتعليم لتقديم طلباتهم، لم يجدوا سوى الفوضى التي اعترت المشهد في شكله العام، حيث بدى عدم وجود أي تنسيق مسبق بخصوص تنظيم العملية كلها، والتي كان يجب أن يحترم فيها الباحثون عن العمل من حملة الشهادات الجامعية.
الباحثون بدأوا يتوافدون على مقر التوظيف في المبنى القديم بالمنامة، والذي كان أصغر من أن يحتوي كل هذه الأعداد الهائلة والتي تقدر بـ 800 شخص، فكانت مكاتب الموظفين عبارة عن»صندقات» بدائية، أمَّا الباحثون فإنهم ظلوا لساعات في العراء تحت الشمس، وبعضهم افترشوا الأرض والبعض الآخر جلسوا على الأرصفة الخارجية في منظر لا يليق أبداً بشباب وشابات الوطن، كما أن هنالك الكثير من الفتيات جلسن في الشارع العام ينتظرن دورهن، وبعضهن كنَّ حوامل، ومع كل هذه المشاهد، لم يتحسن الوضع في اليوم التالي!
ما زاد الطين بلة في هذا المشهد الغريب عن روح التوظيف اللائق كما تناقله الكثيرون ممن حضروا «واقعة التوظيف»، هو أن المنظمين لعملية دخول الباحثين عن العمل إلى داخل «صندقات، كابينات» الموظفين لم تكن عادلة، حيث يروي الكثير منهم أنهم شاهدوا بعض المنظمين من «حراس» مبنى الوزارة مع الأسف الشديد وهم يُدخلون معارفهم قبل غيرهم لمكاتب الموظفين، في حين كان الحضور الذين جاؤوا مع بداية فتح أبواب الوزارة قد أخذوا أرقاماً متسلسلة، ظناً منهم بأن القائمين على عملية التنظيم سوف يلتزمون بالنظام، لكنهم انصدموا بأنهم أول من خالف النظام الخاص بتسلسل الأرقام، حيث قاموا بإدخال معارفهم وأصدقائهم قبل غيرهم!
لقد أبدى الكثير من الباحثين عن العمل دهشتهم وربما نحن نشاركهم هذه الدهشة، وهو أن الوزارة تمتلك الكثير من القاعات الكبيرة، سواء داخل أروقة الوزارة أو في المدارس الحكومية وما أكثرها، والتي كان يُفترض أن تجرى فيها عملية استلام الطلبات، دون الحاجة لرمي الباحثين عن العمل في الشوارع وفوق الأرصفة في منظر أحزن كل شخص مرَّ بجانب بوابة الوزارة عصر يوم الأحد الماضي وكذلك يوم الإثنين، ليرى شبابنا وشاباتنا يفترشون الأرض بصورة مؤلمة.
نحن نطالب وزارة التربية والتعليم بمحاسبة كل من خالف لوائحها في قضية تنظيم التوظيف الأخير، حتى لا تتكرر هذه المشاهد المؤسفة وغير اللائقة في يوم الامتحانات أو في يوم إجراء المقابلات الخاصة بهم، والتي لا نعلم أين سيرميهم بعض المسؤولين إذا لم يتدخل معالي الوزير شخصياً لإنهاء هذه الفوضى التي من المؤكد أنه لا يعلم عن تفاصيلها أي شيء، إذ نحن على يقين بأن معالي الوزير لن يقبل أن يتعرض أبناؤه وبناته لأي شكلٍ من أشكالِ الامتهان على يد بعض الموظفين من المسؤولين عن هذه العملية غير الموفقة.