قال لي أحد الأصدقاء أغبطك على هذا الحماس الذي لم يفقد جذوته للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك منذ عام 2000 إلى الآن، لأن معظمنا بدأ يفقده لكثرة الطعنات التي أصابت هذا المشروع وكثرة تجريحه ومحاولات تفريغه من ثقله ومقوماته.
قلت له لسببين أولهما أنني مؤمنة فعلاً أن مقومات هذا المشروع هي القاعدة ومنصة الانطلاق التي يرتكز عليها مستقبل أبنائنا، وأن البديل هو الخراب والدمار والتناحر.
أما السبب الثاني أنني شهدت شخصياً جلالة الملك وهو يتحدث عنه قبل تدشينه وسمعته بنفسي يتحدث عن رؤيته المستقبلية للبحرين، رؤية تنظر لهذا الشعب باحترام وتقدير، رؤية من أراد للإرادة الشعبية أن تأخذ طريقها لاستلام دفة الإدارة والشراكة الحقيقية في الحكم.
أول من طعن في المشروع وشكك به هو فريق له أجندة اعتقد أنه يمكن تحقيقها من خلال تلك الأدوات، وحين رأى صعوبة الوصول لأجندته الخاصة نقض عهده، وحين رأى الإجماع على جلالة الملك ورأى أن البساط سحب من تحت قدميه أعلن الحرب على المشروع، وبدأها ولم تنته عنده الحرب حتى هذه اللحظة، وحين فشل في التخريب من الداخل استعان بالخارج وحدث ما حدث.
هذا أمره معروف لا أخافه ولا أخشاه ولا أهابه ولو استعان بكل شياطين الإنس والجن، شعب البحرين من تصدى له وأوقفه عن حده.
من يخيفني هم جماعة «من لا يشعرون» الذين قال الله عنهم سبحانه وتعالى «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون».
جماعة «لا يشعرون» هؤلاء كثيرون ومنتشرون بيننا، ولا أشك لحظة في شعورهم بالحب لجلالة الملك وللبحرين، ولكن المشكلة في قصفهم العشوائي الذي يصيب عكس الأهداف تماماً، هؤلاء يضرون بالبحرين وبالمشروع الإصلاحي وبجلالة الملك.
منذ عام 2000 إلى الآن لم نعرف كيف نسوق مقومات ما جاء بالميثاق محلياً ودولياً، لدينا شرائح شعبية بسيطة جداً في تعليمها في ثقافتها، هذه الفئة ذكاؤها ليس محدوداً أبداً وحبها للبحرين ليس موضع شك أبداً وهم الغالبية، لكنهم مازالوا بحاجة لمن يشرح لهم لماذا المشروع الإصلاحي بكل مقوماته مهم جداً لمستقبل البحرين، مستقبل عيالهم وأحفادهم؟
كيف ممكن لهذا المشروع لو «حفناه حوف» المحب لتمكنا من تجاوز العديد من الصعاب بأدواته، لمنعنا الثورات والهزات الاقتصادية والتدخلات الأجنبية، وتمكنا من نيل الحقوق والمساواة والعدالة.
نجاحات الشعوب لا تقاس بعشر سنوات أو عشرين عاماً، هذا بناء حضاري يستغرق عقوداً، إنما تسرع الشعوب إما في البناء أو في الهدم يكون على قدر اجتماعها على قضيتها، ونحن شعب اجتمعنا على هدم ما لدينا المحب والمبغض معاً، لأننا لم نجتمع على قضية مشتركة ولم نجد من يلم شتات هؤلاء البسطاء ويجعل من مقومات الميثاق قضية نجتمع عليها.
خمسة عشر عاماً ونحن نهدم مقومات هذا الميثاق بأيدينا منا من هو واع ومدرك وقاصد الهدم ومنا من هو يظن أنه مصلح وهو مفسد ولا يشعر، تحول الميثاق إلى احتفالات ومهرجانات ورقصات، وسعادة لحظية القليل منها مازال ممسكاً على جمر الإصلاح.
قد لا ألوم الشريحة العظمى من جماعة «لا يشعرون» الذين يظنون أن مسؤوليتهم انتهت يوم الانتخابات فقط وودعوا الوطن على أن يلقوه بعد أربع سنوات، هؤلاء فقدوا الحماس وقد لا يأتون حين يدعوهم الوطن بعد أربع سنوات، نقول لهم المجلس النيابي قوة لكم اعملوا على تقويته ومساندته، يقولون لك «ولا تحلم اني أروح انتخب مرة ثانية»، تقول لهم المجلس حصنكم من التدخلات الأجنبية يقولون لك «ياااا فلان حصني.. خله يولي ابا الدكاكين»، تقول له لولا أن نسبة الانتخابات الأخيرة فاقت الخمسين في المائة لسهل على كل من أراد فرض الوصاية علينا أن يتدخل، يقولون لك «بسكم استخدام فزاعة التدخلات الأجنبية»، تقول لهم لا تقاس الأمور بالجولات بل تقاس النتائج بالنهايات، نحن نراكم التجارب ونتعلم من أخطائنا وإن لم نقدر هذه المرة سنقدر مستقبلاً، إنما أكبر الأخطاء التي ممكن أن نرتكبها في حق أبنائنا هي أن ندير ظهرنا لما لدينا ولا نستثمره ونوظفه يقولون لك «طل.. بصوتك تقدر» وهكذا يستمر القصف العشوائي الذي يهدم الأساس بمعول جماعة «لا يشعرون». المشكلة ليس في هؤلاء من جماعة «لا يشعرون» فلا أشكك في وطنية هذه الجماعة ولا أقلل من حبهم للبحرين، وبالإمكان لملمة شتاتهم مرة أخرى، ولكن من قال إن الحب يكفي وإن المشاعر الجياشة تغني، هؤلاء لو نادتهم البحرين لما تأخروا لحظة في الدفاع عنها ولكننا وإياهم لم نتعلم أن بناء الدولة عملية أصعب ألف مرة من الدفاع عنها، وهؤلاء بحاجة لمن يلم شتاتهم ويجعل عملية «بناء» البحرين قضيتهم، إنما المشكلة تكمن في من أوكلت لهم مهام توعية وإفهام وشرح ولم شتات وإعلام وإدارة من «لا يشعرون» إذ تأتيك الطعنات للمشروع الإصلاحي أحياناً من هؤلاء المسؤولين عن هذه المهام، تقول لهم لم تفسدون المشروع الإصلاحي لجلالة الملك يقولون لك «إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون».. هنا الطامة الكبرى!!