أخبرني أحد أصحاب الورش المحاذية لدوار «القدم» ذات يوم، أن أمراً ما لفت انتباهه، حيث أصبح الشارع المؤدي للدوار خالياً من السيارات ومن الازدحامات الخانقة في ذلك اليوم، وهي ظاهرة مستحيلة في ظل الضغط الكبير الذي يشهده شارع البديع، بعدها اكتشف صاحبنا أن الإشارات الضوئية المنصوبة عند الدوار كانت لا تعمل بسبب خلل فني فيها، هنا جال بخاطره كما هو الذي يجول بخاطرنا منذ أن تم وضع هذه الإشارة زوراً، أنْ لو قامت وزارة الأشغال مشكورة بإزالتها إلى الأبد، ليكون الشارع مريحاً جداً لمستخدميه.
قبل أكثر من عامين كتبت في هذه الزاوية بأن على وزارة الأشغال أن تقوم بتجربة لن تكلفها أي شيء، وهي أن تقوم بإطفاء الإشارة الضوئية الخاصة بدوار «القدم» ذي الموقع الحساس والذي يقع على مفترق أكثر الممرات أهمية في البحرين لمدة يوم واحد، حتى نرى النتيجة بأم أعيننا وليشاهد معنا كل البحرينيين والمقيمين مدى خطأ وجودها في هذا المكان البالغ الأهمية من حيث موقع الدوار الاستراتيجي، فإذا كانت الحركة الانسيابية للشارع وللسيارات بعد التجربة تسير بشكل سلس، حينها نتأكد كلنا ألا معنى حينها لهذه الإشارات الضوئية، وإذا ثبت العكس، سنطالب وزارة الأشغال أن تُبقي الإشارات وسنعتذر لها عن هذا المقترح.
نحن نريد مؤسسات رسمية تسمع لمقترحات وأصوات الشارع في البحرين، وأن تكون التجربة الميدانية لأي مشروع هو أرض الواقع وليس ما ينجح على الورق أو في عقلية مهندس لا يقبل أن يتنازل عن فكرته حتى لو تيقن مستوى فشلها عملياً، فالوزارات الحديثة في عالمنا الراهن، هي الوزارات التي تأخذ برأي الجمهور وتستمع لملاحظاته بطريقة حضارية وديمقراطية، حتى تعطي الثقة للمواطنين بأنهم شركاء في القرار وليسوا أجانب عنه.
بكل تأكيد نحن لا نريد أن نلغي تخصصات وزارة الأشغال أو نلغي دور المهندسين فيها، بل نريد أن نكون شركاء ولو لمرة واحدة في إيصال ملاحظاتنا من أجل خدمة الوطن وليس في سبيل المجادلة العقيمة، فملاحظاتنا التي طرحناها من قبل بخصوص فشل إشارات دوار «القدم» وبعض الإشارات الأخرى في مختلف مناطق البحرين كانت يجب أن تلقى صدىً واسعاً من طرف وزارة الأشغال، لكننا لم نجد التفاعل المطلوب تجاهنا، ولهذا من المؤسف أن نقوم في كل مرة بتكرار موضوعاتنا بسبب عدم رد الوزارة بخصوص هذا الملف.
يجب على وزارة الأشغال أن تنظر للصحافة بأنها شريك رئيس في قرع جرس التنبيه من طرف المواطنين ومن طرف كل من لديه ملاحظات عملية لبعض الأخطاء التي ربما نجحت كفكرة على الورق لكنها فشلت فشلاً ذريعاً على الأرض، فالمهندس ليس معصوماً من الزلل، والمواطن ليس بالضرورة أن يكون جاهلاً بشؤون شوارعٍ يرتادها كل يوم ولربما يرى ما لا يراه المهندس في مكتبه، فالعملية مشتركة بين المنظر والمستخدم، ولا عيب في شراكتنا المباشرة في إبداء بعض الملاحظات والأخذ بجديتها بعد الدراسة المستفيضة، فهل هنالك خلل في هذا؟