إن التحالف الإسلامي العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية جاء من أجل تنفيذ عدد من الأهداف، وعلى رأسها هو أن يفهم العالم أن الحركات والجماعات المتطرفة التي تحتضن الإرهاب لا تمس الإسلام بشيء، إضافة إلى أن هذا التحالف جاء لصد مجموعة من التهديدات التي تتعرض لها المنطقة والعمليات الإرهابية التي استهدفت أمن الخليج العربي بوجه خاص.
ومن خلال التقارير العالمية، فإن مناورات «رعد الشمال» تمثل قوة لا يستهان بها من خلال الإحصائيات التي طرحت، وبحسب شبكة الـ «سي إن إن» الإخبارية فإن عدد الجنود المتدربين قد يصل إلى أكثر من 150 ألف جندي، وبالتالي وفق التقارير العالمية فإن «رعد الشمال» تمثل رسالة مهمة لمجموعة من الدول ذات النفوذ في إدارة المعركة في سوريا.
إذاً «رعد الشمال» ليست مجرد تدريب بقدر ما هو استعداد لخوض مجموعة من العمليات العسكرية بل وعلى رأسها الحد من امتداد تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي المتطرف، إضافة إلى دعم المعارضة المعتدلة بسوريا وخلع بشار الأسد من السلطة ووقف المد الإيراني بالمنطقة.
ولكن السؤال الذي يجب طرحه، ما هو مصير روسيا من خلال هذه المناورات؟ حقيقة لابد من الانتباه إلى أن الأزمة السورية تعد فخاً لجذب روسيا وجعلها ترجع عشرات السنين للخلف، أي أنها سترجع إلى ماضيها القديم وهو ما بعد هدم جدار برلين لتعود لمرحلة الصفر!
ويأتي هذا الأمر بعد قيام روسيا بمجموعة من الخطوات للدفاع عن بشار الأسد، ولكن لا تعلم أن الدفاع عنه سيكلفها المرارة على المستويين المحلي والدولي، بل إن «رعد الشمال» ستكون كالصاعقة في موسكو من خلال العمليات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، ولكن الإعداد لذلك سيكون من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وبالتالي أتوقع بأن روسيا ستقدم انسحاباً تكتيكياً خلال الأيام القادمة من سوريا حتى لا تقع في هذا الفخ، بل من المحتمل أن تقدم تنازلاً عن دعم بشار الأسد حتى لا ترجع للمربع الأول.
بعض المحللين السياسيين في وسائل الإعلام المختلفة أشادوا بروسيا كقوى تتحرك ضد أحادية القطب، ولكن تحركها جاء بالوقت الخاطئ وبقضية تكلفها كثيراً، ولكن إلى الآن هناك عمل سياسي كبير تقوم به المملكة العربية السعودية بالمنطقة، وتحذيرات على أعلى مستوى لروسيا بمدى خطورة الموقف، إلا أن روسيا لا تزال تسمع من أذن واحدة، وعليها أن تسمع من الأذن الأخرى، حتى لا تخسر مكسباً سياسياً حققته، وعلى ما يبدو أن الدب الروسي بدأ يعمل على الدفع بمقترح تقسيم سوريا حتى يخرج من الفخ، وخاصة عندما قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف «أن موسكو تأمل بأن يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرة إنشاء جمهورية فيدرالية»، وهنا يبدو التحرك واضحاً للتنازل عن بعض الأراضي السورية.
ختاماً، «رعد الشمال» جاءت لتغيير مجريات القوى بالقضية السورية والقضاء على تنظيم «داعش» بشكل مباشر، بل إن الأمر جاء تحقيقاً لأهمية أن الوقت بدأ يتدارك جميع الأطراف وأن الهدنة بوقف إطلاق النار قد شهدت بعض الخروقات إلا أن روسيا ستكون الخاسر الأكبر في حال استمرارها بدعم بشار الأسد، بل إن ذلك سيقضي على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمستقبل القريب من خلال الخلايا النائمة في موسكو، فروسيا اليوم أمام عتبة السقوط أو النجاة عبر تقديم تنازلات تصل حتى للتنازل عن بشار حتى لا تخسر نفسها.