أن تكون السماء ملبدة بالغيوم، وسنا البرق يتلألأ ويزدان، وأصوات الرعد تهز المكان، فهذا لا يعني أنه لابد أن تكون عالماً بالأرصاد الجوية والمناخية، كي تجزم بأن السماء ستمطر لا محالة، وكذلك فليس من الضرورة أن أكون أعمل بمجال التحليل الرياضي أو ضليعة في هذا الميدان كي أؤكد أن الخسارة الدولية لمنصب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، ليست بحرينية وإنما عربية بكل ما في الكلمة من معنى، وقد أثبتنا للقاصي والداني أننا أمة لا تعرف معنى الاتحاد حتى في أبسط الأمور السلمية وإن كانت رياضية.
بداية فقد كان انحيازي «للشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة» رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم صراحة كونه من مملكة البحرين، ولكن الحقيقة الأكبر هي أنه بحريني، ممثل لأمة عربية، في أكبر منظمة دولية في العالم بالمجال الرياضي.
وبعيداً عن المجاملات، فليس «الشيخ سلمان بن إبراهيم» هو من خسر لوحده، وإنما خسرنا جميعاً كعرب أن نثبت للآخرين أننا يمكن أن نتحد يوماً لنصرة بعضنا البعض. فإن كنا «نحن» من نحاول أن نطعن أنفسنا قبل الآخرين فليس من الغريب أن تتكالب كل الأطراف الغربية علينا، ويصبح شغلها الشاغل حياكة القصص المشبوهة والحملات الإعلامية المضللة، وعلمها مسبقاً بتحقيق ألاعيبها والانتصار، ليس بسبب أن «الحق مهزوم ومهدور»، وإنما لأننا لا نعرف أن نطبق الشعارات التي تربينا عليها من خلال الكتب والبرامج التلفزيونية الخاصة بالأطفال، تلك الشعارات الرنانة التي كنا نرددها في ذاك الزمان، والتي تدغدغ المشاعر والأحاسيس، وتبعث الأمل بغد مشرق، مزهو بألوان قوس قزح، «في الاتحاد قوة»، «فلنصفح ونفتح صفحة جديدة»، «فوزك يعني فوزي، وفوزنا يعني فوز الجميع». تلك الشعارات التي كنا نرددها في ذاك الزمان، باعتبار وقت كبرنا وجدنا الحسبة قد اختلفت والمثالية قد اختفت والشعارات صدأت ورحلت.
نعم، إنني أشتاط غيظاً، فيعز علي التأمل بالموقف، فالمرشح الأوفر حظاً والذي فاز بنزاهته وبرنامجه الرياضي الانتخابي أولاً ومن ثم بثلثي الأصوات في الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي في كوالالمبور ليصبح رئيساً للاتحاد الأسيوي لكرة القدم، فهذا أكبر دليل على أنه رجل يستحق المنصب الجديد بجدارة لا محال، إضافة إلى الإجماع الأفريقي لدعمه وتأييده.
كنت أتأمل في آخر لحظة كما يحدث في برامج التلفاز عندما يكتشف الخصم أن خصمه هو من سيكون حليفه ويمد له يد العون ويثبتان معاً أنهما للتآخي عنوان، وإنما للأسف ما خطر في بالي كان مجرد أوهام أو مشاهد من أفلام ومسلسلات.
للأسف الشديد ما حصل قد حصل بغلطة كبيرة من جحود بعض العرب الذين نأمل أن يهديهم الله لما فيه خير لأنفسهم وباقي البشر.