الدولة الخليجية التي تقبل الإساءة للمملكة العربية السعودية يعني أنها تقبل الإساءة إلى نفسها، والدولة العربية التي تقبل الإساءة للمملكة العربية السعودية يعني أنها تسيء إلى نفسها، لهذا لم تقبل دولة الكويت الخطأ، أو بالأحرى جملة الأخطاء التي ارتكبها عضو مجلس الأمة الكويتي المدعو عبدالحميد دشتي في حق الشقيقة الكبرى وأصدر المجلس بياناً دان فيه تجاوزات ذلك العضو الذي من الواضح أنه يعاني من حالة مرضية تجعله غير قادر على التمييز بين الصح والخطأ والصديق والعدو، فتسول له نفسه الغلط على السعودية كما فعل من قبل مع مملكة البحرين، متجاوزاً بذلك كل الخطوط الحمراء.
السعودية هي الشقيقة الكبرى وهي العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاون، وهي الأساس، لذا فإن من الطبيعي ألا يقبل أي خليجي الإساءة إليها أياً كانت الأسباب، وألا يقبل مثل ذلك كل منتم للأمة العربية خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد الكثير من الأحداث المتسارعة والتي تتطلب التكاتف والتعاون والتوقف عن كل ما قد يشغل هذه الأمة عن المعركة الكبرى التي دخلتها والتي تهدد الاستقرار في كل المنطقة.
لا بأس أن يكون للمواطن الخليجي والعربي رأي مختلف في موقف معين تتخذه المملكة العربية السعودية أو أي دولة خليجية أو عربية، فهذا حقه الذي تكفله له كل الدساتير في كل هذه الدول، ومن حقه أن يعبر عن ذلك عبر مختلف وسائل الإعلام المتاحة، لكن ما ليس حقه هو التجاوز والإساءة وارتكاب الأخطاء في حق الآخرين، أشخاصاً أو مؤسسات أو حكومات ودولاً. ولأن ما قام به دشتي يعتبر بكل المقاييس تجاوزاً لذا اضطر مجلس الأمة الكويتي إلى إصدار بيان يدينه ويحذره، والأكيد أنه سيرفع عنه الحصانة كي تتم محاكمته وقد يطرد من المجلس كما طرد توفيق عكاشة من البرلمان في مصر بسبب تجاوزاته وعدم تقديره للأمور.
عندما لا تكون السعودية حاضرة في المكان فإن كل خليجي وكل عربي يمثلها، هذا ما فعله رئيس مجلس الأمة الكويتي قبل فترة في بغداد رداً على تجاوزات رئيس مجلس الشورى الإيراني ومحاولته الإساءة للشقيقة الكبرى حيث قال مرزوق الغانم وبتلقائية «إذا كان الوفد السعودي غير موجود في المؤتمر فأنا شخصياً والوفد الكويتي نمثل السعودية هنا ولا نقبل إطلاقاً التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة»، مؤكداً بذلك عرفاً يفخر به أهل الخليج العربي والعرب.
في البحرين ليس بيننا من يقبل على السعودية، وإن وجد فالجميع يتخذ منه موقفاً وليس بعيداً التبرؤ منه ولفظه، فالسعودية تعني للبحرين الكثير، والعلاقات بين البلدين الشقيقين تاريخية وتشهد تطوراً مستمراً، والتأكيد عليها أمر لا تفرضه سوى الرسميات وإلا فإن مثل هذه العلاقة والمستوى الذي وصلت إليه لا تحتاج إلى تأكيد. ومثلما غضبت الكويت بسبب تجاوز دشتي وإساءته للسعودية غضبت كذلك البحرين ومن الطبيعي أن تثني على موقف مجلس الأمة الكويتي وعلى كل موقف يؤكد رفض الإساءة إلى المملكة العربية السعودية.
يقول العرب «رب ضارة نافعة»، والضرر الذي تسبب فيه دشتي للسعودية وللبحرين فرصة جيدة لدول مجلس التعاون الخليجي ينبغي أن تستغل جيداً، فلا يكتفى بإصدار البيانات المؤيدة والمتعاطفة والشاجبة والمنددة وإنما التوجه للإعلان عن موقف موحد يقود إلى التعجيل بمقترح العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بتحول دول الخليج العربي من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد، فمثل هذا الموقف هو الرد الأقوى على كل من تسول له نفسه الإساءة إلى أي دولة خليجية وعلى الخصوص المملكة العربية السعودية، رافعة راية الحزم، والمنتفضة ضد كل مهدد لاستقرار المنطقة.