لم أجلس مع مصرفي أو تاجر أو رجل أعمال في جلسات عائلية أو في ندوات عامة أو ألتقيهم لقاء عابراً إلا واشتكى من شح المعلومات ومن نقصها ومن عدم وضوح الرؤية ومن الضبابية وعدم وجود جسور وقنوات اتصال بينهم وبين ما تفكر به الحكومة وتنويه وما الذي تفعله؟ فإذا أضفنا أن نواب الشعب يفاجؤون هم أيضاً بالقرارات الحكومية وأحياناً الشوريون يشتكون من أن مقترحاتهم التي يقدمونها لا يؤخذ بها، سؤالي إذاً إن لم يكن هؤلاء وهم أسماء كبيرة في السوق ولديهم استثماراتهم ولديهم مراكزهم والأهم لديهم عقولهم ضمن دائرة القرار الاقتصادي، فمن من هم دائرة القرار الاقتصادي إذاً؟ ولم هي ضيقة إلى هذا الحد؟ ولم هي منغلقة على نفسها إلى هذا الحد؟ ومتى؟ في وقت البحرين أحوج ما تكون لتوسعة خياراتها وأحوج ما تكون لطمأنة السوق المحلي.
ها هي التصنيفات الائتمانية للبحرين تزداد سوءاً، بالأمس خفض تصنيف البحرين من قبل وكالة موديز على الرغم من اعتراض البحرين على التصنيفات المنخفضة السابقة ووصفها بعدم المهنية، وها هي الحكومة تطلب من النواب رفع سقف الدين العام حتى تستطيع الاقتراض، ولا ندري حجم الفائدة كم ستكون علينا بعد هذا التخفيض وما هي قيمة سنداتنا التي سنطرحها؟ وقدرتنا على الاقتراض بالتالي ناهيك عن قدرتنا على السداد؟
ما معنى ذلك؟ وما انعكاساته على المواطن؟ وكيف ممكن معالجة هذا الموضوع؟ وما هي خطة الحكومة السريعة لتدارك هذا الانحدار الخطير؟ وإن لم تكن هناك انعكاسات بسبب عدم اعتماد الأسواق على مؤشرات وكالات الائتمان فحسب كما قال المصرف المركزي بل على السمعة التاريخية للبحرين، فهل لدى الحكومة نية لمكاشفة السوق المحلي مثلما تتحدث مع البنوك في الخارج ليطمئن؟
فلم أشهد خلال الأشهر الأخيرة أي نوع من أنواع التواصل بين أي مسؤول حكومي والفعاليات الاقتصادية في الدولة، إلا في مؤتمر «اليورو موني» الأخير قبل أسبوعين، قبلها كانت هناك ندوة يتيمة نظمتها غرفة تجارة وصناعة البحرين لم يحضرها مسؤول حكومي كانت مخصصة للتحدث عن سياسات الحكومة الاقتصادية، مجلس النواب لا نصل معه إلى نتيجة في نقاشاته العامة لأنه ليس هناك تركيز على الأزمة الاقتصادية بشكل احترافي أو من زاوية تخاطب ذوي الاختصاصات وأصحاب رؤوس الأموال وكأن هؤلاء لم يكونوا ضمن الناخبين وليس هناك من يمثلهم.
البحرين بحاجة إلى جدال عام وعلني تنفتح فيه الحكومة على السوق المحلي انفتاحاً يمد جسور الثقة المتبادلة بين الاثنين، فهي تكاد أن تكون مقطوعة، ولا أدري حقيقة كيف يمكن للبحرين أن تروج لنفسها في الخارج وهي قد فشلت في الترويح لنفسها في الداخل، أتمنى من مجلس التنمية الاقتصادي أن يخلق هذه الجسور ويتبنى مبادرات يفتح فيها أفق الحوار بين المسؤولين الحكوميين والسوق البحريني ومعهم أسواق الشرقية في المملكة العربية السعودية هنا في البحرين، في اجتماعات مشتركة في لقاءات، في مؤتمرات، في تمويل برامج أو حتى برنامج اقتصادي متخصص على القنوات التلفزيونية الاقتصادية المتخصصة يروج للبحرين ويساهم في خلق جسور بين السوق المحلي والسعودي وبين المسؤولين الحكوميين في البحرين، والأفكار كثيرة إنما... تحركوا... تكلموا... سمعونا صوتكم... من أنتم؟